صفحة رقم ٧٩
الوالدين ) واليتامى ( جمع يتيم وهو الذي مات أبوه وهو طفل صغير، فإذا بلغ الحلم زال عنه اليتم وتجب رعاية حقوق اليتيم لثلاثة أمور : لصغرة ويتمه ولخلوه، عمن يقوم بمصلحته إذ لا يقدر هو أن ينتفع بنفسه، ولا يقوم بحوائجه ) والمساكين ( جمع مسكين وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى وإنما تأخرت درجة المساكين عن اليتامى، لأنه قد يمكن أن ينتفع بنفسه وينفع غيره بالخدمة ) وقولوا للناس حسناً ( فيه وجهان : أحدهما : أنه خطاب للحاضرين من اليهود في زمن النبي ( ﷺ ) فلهذا عدل من الغيبة إلى الحضور، والمعنى قولوا : حقاً وصدقاً في شأن محمد ( ﷺ ) فمن سألكم عنه فأصدقوه وبينوا صفته ولا تكتموها قاله ابن عباس.
الوجه الثاني إن المخاطبين به هم الذين كانوا في زمن موس عليه السلام، وأخذ عليهم الميثاق وإنما عدل من الغيبة إلى الحضور على طريق الالتفات كقوله :( حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم ( وقيل : فيه حذف تقديره وقلنا لهم : في الميثاق وقولوا : للناس حسناً ومعناه مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر وقيل هو اللين في القول والعشرة وحسن الخلق ) وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ( ولما أمرهم الله تعالى بهذه التكاليف الثمانية لتكون لهم المنزلة عنده بما التزموا به أخبر عنهم أنهم ما وفوا بذلك بقوله تعالى :( ثم توليتم ( أي أعرضتم عن العهد ) إلا قليلاً منكم ( يعني من الذين آمنوا كعبدالله بن سلام وأصحابه فإنهم وفوا بالعهد ) وأنتم معرضون ( أي كإعراض آبائكم.
قوله عز وجل :( وإذ أخذنا ميثاقكم ( قيل : هو خطاب لمن كان في زمن النبي ( ﷺ ) من اليهود وقيل : هو خطاب لآبائهم وفيه تقريع لهم ) لا تسفكون ( أي لا تريقون ) دماءكم ( أي لا يسفك بعضكم دم بعض وقيل : معناه لا تسفكوا دماء غيركم فيسفك دماءكم فكأنكم أنتم سفكتم دماء أنفسكم ) ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ( أي لا يخرج بعضكم بعضاً من داره، وقيل : لا تفعلوا شيئاً فتخرجوا بسببه من دياركم ) ثم أقررتم ( أي بهذا العهد أنه حق ) وأنتم تشهدون ( يعني أنتم يا معشر اليهود اليوم تشهدون على ذلك.
البقرة :( ٨٥ ) ثم أنتم هؤلاء...
" ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون " ( ) ثم أنتم هؤلاء ( يعني يا هؤلاء اليهود ) تقتلون أنفسكم ( أي يقتل بعضكم بعضاً ) وتخرجون فريقاً منكم من دياركم ( أي يخرج بعضكم بعضاً من دياركم ) تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان ( أي تتعاونون عليهم بالمعصية والظلم ) وإن يأتوكم اسارى ( جمع أسير ) تفادوهم ( أي بالمال وهو استنقاذهم بالشراء، وقرئ تفادوهم أي تبادلوهم وهو مفاداة الأسير بالأسير، ومعنى الآية أن الله تعالى أخذ على بني إسرائيل في التوراة ان لا يقتل