صفحة رقم ٨٠
بعضهم بعضاً.
ولا خرج بعضهم بعضاً من ديارهم وأيما عبد أو أمة من بني إسرائيل وجدتموه فاشتروه بما قام من ثمنه، وأعتقوه وكانت قريظة حلفاء الأوس والنضير حلفاء الخزرج، وكان بين الأوس والخزرج حروب فكانت بنو النضير تقاتل مع حلفائهم وبنو قريضة تقاتل مع حلفائهم فإذا غلب أحد الفريقين اخرجوهم من ديارهم وخربوها.
وكان إذا أسر رجل من الفريقين جمعوا له مالاً يفدونه به فعيرتهم العرب.
وقالوا : كيف تقاتلونهم ثم تفدونهم ؟ فقالوا : إنا أمرنا أن نفديهم فقالوا : كيف تقاتلونهم ؟ فقالوا : إنا نستحي أن تذل حلفاؤنا فعيرهم الله تعالى فقال :( ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم ( وفي الآية تقديم وتأخير تقديره وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان ) وهو محرم عليكم إخراجهم ( وإن يأتوكم أسارى تفدوهم فكان الله تعالى أخذ عليهم أربعة عهود ترك القتل وترك الإخراج وترك المظاهر مع أعدائهم وفك أسراهم فأعرضوا عن الكل إلا الفداء قال الله عز وجل :( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ( معناه إن وجدتموهم في يد غيركم فديتموهم وأنتم تقتلونهم بأيديكم فكان إيمانهم الفداء وكفرهم قتل بعضهم بعضاً فذمهم على مناقضة أفعالهم لا على الفداء لأنهم أتوا ببعض ما وجب عليهم وتركوا البعض ) فما جزاء من يفعل ذلك منكم ( يعني يا معشر اليهود ) إلا خزي في الحياة الدنيا ( أي عذاب وهوان فكان خزي بني قريظة القتل والسبي وخزي بني النضير الإجلاء والنفي من منازلهم إلى أريحاء وأذرعات من أرض الشام ) ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب ( يعني عذاب النار ) وما الله بغافل عما تعملون ( فيه وعيد وتهديد عظيم.
البقرة :( ٨٦ - ٨٨ ) أولئك الذين اشتروا...
" أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون " ( ) أولئك الذين اشتروا ( أي استبدلوا ) الحياة الدنيا بالآخرة ( لأن الجمع بين لذات الدنيا والآخرة غير ممكن فمن اشتغل بتحصيل لذات الدنيا فاتته لذات الآخرة ) فلا يخفف عنهم العذاب ( أي فلا يهون عليهم ) ولا هم ينصرون ( أي ولا يمنعون من عذاب الله تعالى.
قوله عز وجل :( ولقد آتينا ( أي أعطينا ) موسى الكتاب ( يعني التوراة جملة واحدة ) وقفينا ( أي وأتبعنا من التقفية وهو أن يقفو أثر الآخر ) من بعده بالرسل ( يعني رسولاً بعد رسول وكانت الرسل بعد موسى إلى زمن عيسى عليهم السلام متواترة يظهر بعضهم في أثر بعض، والشريعة واحدة : قيل إن الرسل بعد موسى يوشع بن نون وأشمويل وداود وسليمان وأرمياء وحزقيل وإلياس ويونس وزكريا ويحيى وغيرهم، وكانوا يحكمون بشريعة موسى إلى أن بعث الله تعالى عيسى عليه السلام فجاءهم بشريعة جديدة، وغير بعض أحكام التوراة فذلك قوله تعالى :( وآتينا عيسى ابن مريم البينات ( اي الدلالات الواضحات وهي المعجزات من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص، وقيل هي الإنجيل.
واسم عيسى بالسريانية أيشرع ومريم بمعنى الخادم وقيل هو اسم علم لها كزيد من الرجال ) وأيدناه ( أي وقويناه ) بروح القدس ( قيل : أراد بالروح الذي نفخ فيه


الصفحة التالية
Icon