صفحة رقم ٨٥
أحب إلينا منك وإنا لنطمع فيك فقال عمر والله ما آتيكم لحبكم ولا أسألكم، لأني شاك في ديني وإنما أدخل عليكم لأزداد بصيرة في أمر محمد ( ﷺ ) وأرى آثاره في كتابكم فقالوا من صاحب محمد الذي يأتيه من الملائكة قال جبريل قالوا ذلك عدونا يطلع محمداً على سرنا وهو صاحب كل عذاب وخسف وشدة، وإن ميكائيل يجيء بالخصب والسلامة، فقال لهم : تعرفون جبريل وتنكرون محمداً ( ﷺ ) ؟ قالوا : نعم قال فأخبروني عن منزلة جبريل وميكائيل من الله تعالى قالوا : جبريل عن يمنيه وميكائيل عن يساره وميكائيل عدو لجبريل فقال عمر أشهد أن من كان عدواً لأحدهما كان عدواً للآخر.
ومن كان عدواً لهما كان عدواً لله ثم رجع عمر إلى النبي ( ﷺ ) فوجد جبريل قد سبقه بالوحي فقرأ رسول ( ﷺ ) هذه الآيات وقال : لقد وافقك ربك يا عمر، فقال عمر : والله لقد رأيتني بعد ذلك في ديني أصلب من الحجر.
والأقرب ان سبب هذه العداوة كون جبريل كان ينزل على النبي ( ﷺ ) بالوحي لأن قوله : فإنه نزله على قلبك مشعر بذلك قوله ) فإنه نزله ( يعني جبريل نزل بالقرآن كناية عن غير مذكور ) على قلبك ( يا محمد وإنما خص القلب بالذكر لأنه محل الحفظ ) بإذن الله ( أي بأمره ) مصدقاً ( أي موافقاً ) لما بين يديه ( أي لما قبله من الكتب ) وهدى وبشرى للمؤمنين ( أي في القرآن هداية للمؤمنين إلى الأعمال الصالحة التي يترتب عليها الثواب وبشرى لهم بثوابها إذا أتوا بها.
البقرة :( ٩٨ - ١٠٠ ) من كان عدوا...
" من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون " ( ) من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل ( لما بين في الآية الأولى أن من كان عدواً لجبريل لأجل، أنه نزل بالقرآن على قلب محمد ( ﷺ )، وجب أن يكون عدواً لله.
لأن الله تعالى هو الذي نزله على محمد بين في هذه الاية أن كل من كان عدواً لأحد هؤلاء، فإنه عدو لجميعهم وبين أن الله عدوه بقوله :( فإن الله عدو للكافرين ( فأما عدواتهم لله فإنها لا تضره ولا تؤثر وعداوته لهم تؤديهم إلى العذاب الدائم، الذي لا ضرر أعظم منه، وقيل : المراد من عداوتهم لله وعداوتهم لأوليائه وأهل طاعته فهو كقوله ) إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ( " أي يحاربون أولياء الله أهل طاعته.
وقوله وملائكته ورسله، يعني أن من عادى واحداً منهم فقد عادى جميعهم ومن كفر بواحد منهم فقد كفر بجميعهم وجبريل وميكائيل إنما خصهما بالذكر وإن كانا داخلين في جملة الملائكة لبيان شرفهما وفضلهما وعلو منزلتهما وقدم جبريل على ميكائيل لفضله عليه لأن جبريل ينزل بالوحي الذي هو غذاء الأرواح وميكائيل ينزل بالمطر الذي هو سبب غذاء الأبدان، وجبريل وميكائيل اسمان أعجميان.
ومعناهما : عبدالله لأن جبر وميك