صفحة رقم ٨٧
الملامة لسليمان.
فلم تزل هذه حالهم إلى أن بعث الله تعالى محمد ( ﷺ ) وأنزل عليه براءة سليمان عليه السلام فقال تعالى :( واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان ( ) وما كفر سليمان ( يعني بالسحر ولم يعمل به، وفيه تنزيه سليمان عن السحر، وذلك ان اليهود أنكروا نبوة سليمان، وقالوا : إنما حصل له هذا الملك وسخرت الجن والإنس له بسبب السحر وقيل : إن السحرة من اليهود زعموا أنهم أخذوا السحر عن سليمان فبراه الله من ذلك، وقيل إن بعض أحبار اليهود قال ألا تعجبون من محمد يزعم أن سليمان كان نبياً وما كان إلاّ ساحراً فأنزل الله تعالى :( وما كفر سليمان ( يعني أن سليمان كونه نبياً ينافي كونه ساحراً كافراً ثم بين الله تعالى أن الذي براه منه لاحق بغيره فقال ) ولكن الشياطين كفروا ( يعني أن الذين اتخذوا السحر لأنفسهم هم الذين كفروا ثم بين سبب كفرهم فقال تعالى :( يعلمون الناس السحر ( يعني ما كتب لهم الشياطين من كتب السحر.
وقيل : يحتمل أن يكون يعلمون يعني اليهود الذين عنوا بقوله : واتبعوا.
وسمي السحر سحراً لخفاء سببه، فلا يفعل إلاّ في خفية وقيل : معنى السحر الإزالة وصرف الشيء عن وجهه تقول العرب ما سحرك عن كذا أي ما صرفك عنه فكأنه الساحر لما رأى الباطل في صورة الحق فقد سحر الشيء عن وجهه أي صرفه هذا أصله من حيث اللغة، وأما حقيقته فقد قيل : إنه عبارة عن التمويه والتخييل، ومذهب أهل السنة أن له وجوداً أو حقيقة والعمل به كفر وذلك إذا اعتقد


الصفحة التالية
Icon