صفحة رقم ٨٩
بني آدم الخبيثة في زمن إدريس عليه السلام عيروهم.
وقالوا : هؤلاء الذين جعلتهم في الأرض واخترتهم وهم يعصونك فقال الله تعالى : لو أنزلتكم إلى الأرض وركبت فيكم ما ركبت فيهم لركبتم مثل ما ركبوا قالوا : سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نعصيك قال الله تعالى : وركبت فيكم ما ركبت فيهم ركبتهم مثل ما ركبوا قالوا : سبحانك ما كان ينبغي لنا ان نعصيك قال الله تعالى : فاختاروا ملكين من خياركم أهبطهما إلى الأرض فاختاروا هاروت وماروت، وكانا من أصلح الملائكة وأعبدهم وكان اسم هاروت عزا وماروت عزايا، فغير اسمهما لما قارفا الذنب وركب الله فيهما الشهوة وأهبطهما إلى الأرض وأمرهما ان يحكما بين الناس بالحق ونهاهما عن الشرك، والقتل بغير الحق والزنا وشرب الخمر، فكانا يقضيان بين الناس يومهما فإذا أمسيا ذكرا اسم الله الأعظم وصعدا إلى السماء فما مر عليهما شهر حتى افتتنا.
وقيل : بل افتتنا في أول يوم وذلك أنه اختصم إليهما امرأة يقال لها : الزهرة وكانت من أجمل أهل فارس.
وقيل : كانت ملكة فلما رأياها أخذت بقلوبهما فقال أحدهما لصاحبه هل سقط في نفسك مثل الذي سقط في نفسي.
قال : نعم فراوداها عن نفسها فأبت وانصرفت.
ثم عادت في اليوم الثاني ففعلا مثل ذلك فأبت وقالت : لا إلاّ أن تعبدا هذا الصنم وتقتلا النفس وتشربا الخمر فقالا : لا سبيل إلى هذ الأشياء فإن الله تعالى قد نهانا عنها.
فانصرفت ثم عادت في اليوم الثالث، ومعها قدح خمر في أنفسهما من الميل ما فيها فراوداها عن نفسها فعرضت عليهما ما قالت بالأمس فقالا : الصلاة لغير الله عظيم وقتل النفس عظيم وأهون الثلاثة شرب الخمر فشربا فلما انتشيا وقعا بالمرأة فزنيا بها فرآهما إنسان فقتلاه خوف الفضيحة.
وقيل : إنهما سجدا للصنم.
وقيل : جاءتهما امرأة من أحسن الناس تخاصم زوجها.
فقال : أحداهما للآخر هل سقط في نفسك مثل الذي سقط في نفسي ؟ قال : نعم قال هل لك أن تقضي لها على زوجها.
فقال له صاحبه أما تعلم ما عند الله من العقوبة والعذاب ؟ فقال له صاحبه : أما تعلم ما عند الله من العفو والرحمة ؟ فسألاها نفسها فقالت : لا إلاّ أن يقضيا لي على زوجي فقضيا.
ثم سألاها نفسها فقالت : لا إلاّ أن تقتلاه فقال أحدهما : لصاحبه أما تعلم ما عند الله من العقوبة والعذاب ؟ فقال له صاحبه أما تعلم ما عند الله من العفو والرحمة ؟ فقتلاه ثم سألاها نفسها فقالت : لا إلاّ أن لي صنماً أعبده إن أنتما صليتما معي عنده فعلت.
فقال أحدهما : لصاحبه مثل القول الأول فرد عليه مثله فصليا فمسخت شهاباً.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : قالت لهم لن تدركاني حتى تخبراني بالذي تصعدان به إلى السماء فقالا : اسم الله الأكبر.
قالت : فما أنتما بمدركي حتى تعلماني إياه فقال أحدهما للآخر : علمها.
فقالك إني أخاف الله فقال الآخر فأين رحمة الله فعلمها ذلك فتكلمت به وصعدت إلى السماء فمسخها الله كوكباً، فذهب