صفحة رقم ١٢٩
للمبالغة في اليأس من طمع المغفرة لهم.
قال الضحاك ولما نزلت هذه الآية قال رسول الله ( ﷺ ) ( إن الله قد رخص لي فسأزيدن على السبعين لعل الله أن يغفر لهم ) فأنزل الله سبحانه وتعالى سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم فلن يغفر الله لهم
( ق ) عن ابن عمر قال : لما توفي عبد الله يعني بن أبي بن سلول جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله صلىالله عليه وسلم فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه ثم سأله أن يصلي عليه فقام رسول الله ( ﷺ ) ليصلي عليه فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله ( ﷺ ) فقال يا رسول الله نصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليك فقال رسول الله صلىالله عليه وسلم :( إنما خيرني الله عز وجل فقال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة وسأزيد على السبعين ) قال إنه منافق فصلى عليه رسول الله ( ﷺ ) فأنزل الله عز وجل ولا تصلي على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون زاد في رواية فترك الصلاة عليهم.
وقوله سبحانه وتعالى :( ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله ( يعني أن هذا الفعل من الله وهو ترك العفو عنهم وترك المغفرة لهم من أجل أنهم اختاروا الكفر على الإيمان بالله ورسوله ) والله لا يهدي القوم الفاسقين ( يعني والله لا يوافق للإيمان به وبرسوله من اختار الكفر والخروج عن طاعة الله وطاعة رسوله.
قوله عز وجل :( فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله ( يعني فرح المتخلفون عن غزوة تبوك والمخلف المتروك بمقعدهم يعني بقعودهم في المدينة خلاف رسول الله يعني بعده وعلى هذا المعنى خلاف بمعنى خلف فهو اسم للجهة المعينة لأن الإنسان إذا توجه إلى قدامه فمن تركه خلفه فقد تركه بعده وقيل معنه مخالفة لرسول الله ( ﷺ ) حين سار إلى تبوك وأقاموا بالمدينة لأن رسول الله ( ﷺ ) كان قد أمرهم بالخروج إلى الجهاد فاختاروا القعود مخالفة لرسول الله ( ﷺ ) وهو قوله سبحانه وتعالى :( وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ( والمعنى أنهم فرحوا بسبب التخلف وكرهوا الخروج إلى الجهاد وذلك أن الإنسان يميل بطبعه لى إيثار الراحة والقعود مع الأهل والولد ويكره إتلاف النفس والمال وهو قوله سبحانه وتعالى :( وقالوا لا تنفروا في الحر ( وكانت غزوة تبوك في شدة الحر فأجاب الله عن هذا بقوله سبحانه وتعالى :( قل نار جهنم أشد حراً لو كانوا يفقهون ( يعني : قل يا محمد لهؤلاء الذين اختاروا الراحة والقعود خلافك عن الجهاد في الحر أن نار جهنم التي هي موعد في الآخرة أشد حراً من حر الدنيا لو كانوا يعلمون.
قال ابن عباس : إن رسول الله ( ﷺ ) أمر الناس أن ينبعثوا معه وذلك في الصيف.
فقال رجال : يا رسول الله الحر شديد ولا نستطيع الخروج فلا تنفر في الحر فقال الله عز وجل قل نار جهنم أشد حراً لوكانوا يفقهون فأمره الله تعالى بالخروج ) فليضحكوا قليلاً ( يعني فليضحك هؤلاء الذين تخلفوا عن رسول الله ( ﷺ ) فرحين قليلاً في الدنيا الفانية بمقعدهم خلافه ) وليبكوا كثيراً ( يعني مكان ضحكهم في الدنيا وهذا وإن ورد بصيغة الأمر إلا أن معناه الإخبار والمعنى : إنهم وإن فرحوا وضحكوا طول أعمارهم في الدنيا فهو قليل بالنسبة إلى بكائهم في الآخرة لأن الدنيا فانية والآخرة باقية والمنقطع الفاني بالنسبة إلى الدائم الباقي قليل ) جزاء بما كانوا يكسبون ( يعني أن ذلك البكاء في الآخرة جزاء لهم على ضحكهم