صفحة رقم ١٤٠
وكذلك النصرة فإنها مرتبة عالية ومنقبة شريفة لأنهم نصروا رسول الله ( ﷺ ) على أعدائه وآووه وواسوه وآووا أصحابه وواسوهم فلذلك أثنى الله عز وجل عليهم ومدحهم فقال سبحانه وتعالى :( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار (.
قوله تعالى :( والذين اتبعوهم بإحسان ( قيل : هم بقية المهاجرين والأنصار سوى السابقين الأولين فعلى هذا القول، يكون الجميع من الصحابة.
وقيل : هم الذين سلكوا سبيل المهاجرين والأنصار في الإيمان والهجرة والنصرة إلى يوم القيامة وقال عطاء هم الذين يذكرون المهاجرين والأنصار فيترحمون عليهم ويدعون لهم ويذكرون محاسنهم
( ق ) عن عمران بن حصين أن النبي ( ﷺ ) قال ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) قال عمران فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثاً
( ق ) عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( لا تسبوا أصحابي فلو أن أحداً ) وفي رواية ( أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ) أراد بالقرن في الحديث الأول أصحابه.
والقرن الأمة من الناس يقارن بعضهم بعضاً واختلفوا في مدته من الزمان.
فقيل : من عشر سنين إلى عشرين.
وقيل : من مائة إلى مائة وعشرين سنة.
والمد : المذكور في الحديث الثاني هو ربع صاع.
والنصيف : نصفه.
والمعنى : لو أن أحداً عمل مهما قدر عليه من أعمال البر والإنفاق في الحاجة.
وقوله سبحانه وتعالى :( رضي الله عنهم ورضوا عنه ( يعني رضي الله عن أعمالهم ورضوا عنه بما جازاهم عليها من الثواب وهذا اللفظ عام يدخل فيه كل الصحابة ) وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم (.
التوبة :( ١٠١ ) وممن حولكم من...
" وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم " ( قال سبحانه وتعالى :( وممن حولكم من الأعراب منافقون ( ذكر جماعة من المفسرين المتأخرين كالبغوي والواحدي وابن الجوزي أنهم من أعراب مزينة وجهينة وأشجع وغفار وأسلم وكانت منازلهم حول المدينة ويعني ومن هؤلاء الأعراب منافقون وما ذكروه مشكل لأن النبي ( ﷺ ) دعا لهؤلاء القبائل ومدحهم فإن صح نقل المفسرين فيحمل قوله سبحانه وتعالى :( وممن حولكم من الأعراب منافقون ( على القليل لأن لفظة من للتبعيض ويحمل دعاء النبي ( ﷺ ) لهم على الأكثر والأغلب وبهذا يمكن الجمع بين قول المفسرين ودعاء النبي ( ﷺ ) لهم.
وأما الطبري، فإنه أطلق القول ولم يعين أحداً من القبائل المذكورة بل قال في تفسير هذه الآية : من القوم الذين حول مدينتكم أيها المؤمنون من الأعراب منافقون ومن أهل مدينتكم أيضاً أمثالهم أقوام منافقون وقال البغوي :( ومن أهل المدينة ( من الأوس والخزرج منافقون ) مردوا على النفاق ( فيه تقديم وتأخير تقديره وممن حولكم من الأعراب ومن أهل المدينة منافقون مردوا على النفاق يعني مرنوا عليه يقال تمرد فلان على ربه إذا عتا وتجبر ومنه الشيطان المارد وتمرد في معصيته أي مرن وثبت عليها واعتادها ولم يتب منها قال ابن إسحاق : لجوا فيه