صفحة رقم ١٤١
وأبو غيره.
وقال ابن زيد : أقاموا عليه ولم يتوبوا منه ) لا تعلمهم ( يعني أنهم بلغوا في النفاق إلى حيث أنك لا تعلمهم يا محمد مع صفاء خاطرك واطلاعك على الأسرار ) نحن نعلمهم ( يعني لكن نحن نعلمهم لأنه لا تخفى علينا خافية وإن دقت ) سنعذبهم مرتين ( اختلف المفسرون في العذاب الأول مع اتفاقهم على العذب الثاني هو عذاب القبر بدليل قوله ) ثم يردون إلى عذاب عظيم ( وهو عذاب النار في الآخرة فثبت بهذا أنه سبحانه وتعالى يعذب المنافقين ثلاث مرات مرة في الدنيا ومرة في القبر ومرة في الآخرة أما المرة الأولى وهي التي اختلفوا فيها فقال الكلبي والسدي ( قام النبي ( ﷺ ) خطيباً في يوم جمعة فقال اخرج يا فلان فإنك منافق اخرج يا فلان فإنك منافق فأخرج من المسجد أناساً وفضحهم ) فهذا هو العذاب الأول.
والثاني : هو عذاب القبر لإن صح هذا القول فيحتمل أن يكون بعد أن أعلمه الله حالهم وسماهم له لأن الله سبحانه وتعالى قال لا تعلمهم نحن نعلمهم ثم بعد ذلك أعمله بهم.
وقال مجاهد : هذا العذاب الأول هو القتل والسبي وهذا القول ضعيف، لأن أحكام الإسلام في الظاهر كانت جارية على المنافقين فلم يقتلوا ولم يسبوا وعن مجاهد رواية أخرى أنهم عذبوا بالجوع مرتين.
وقال قتادة : المرة الأولى هي الدبيلة في الدنيا وقد جاء تفسيرها في الحديث بأنها خراج من نار تظهر في أكتافهم حتى تنجم من صدورهم يعني تخرج من صدورهم.
وقال ابن زيد : الأولى هي المصائب في الأموال والأولاد في الدنيا والأخرى عذاب القبر.
وقال ابن عباس : الأولى إقامة الحدود عليهم في الدنيا والأخرى عذاب القبر.
وقال ابن إسحاق : الأولى هي ما يدخل عليهم من غيظ الإسلام ودخولهم فيه كرهاً غير حسبة والأخرى عذاب القبر.
وقيل : إحداهما ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند قبض أرواحهم، والأخرى عذاب القبر.
وقيل : الأولى إحراق مسجدهم مسجد الضرار، والأخرى إحراقهم بنار جهنم وهو قوله سبحانه وتعالى : ثم يردون إلى عذاب جهنم يخلدون فيه.
التوبة :( ١٠٢ ) وآخرون اعترفوا بذنوبهم...
" وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم " ( قوله عز وجل :( وآخرون اعترفوا بذنوبهم ( فيه قولان : أحدهما : أنهم قوم من المنافقين تابوا من نفاقهم وأخلصوا وحجة هذا القول أن قوله تعالى وآخرون عطف على قوله وممن حولكم من الأعراب منافقون والعطف موهم ويعضده ما نقله الطبري.
عن ابن عباس أنه قال : هم الأعراب.
والقول الثاني : وهو قول جمهور المفسرين إنها نزلت في جماعة من المسلمين من أهل المدينة تخلفوا عن رسول الله ( ﷺ ) في غزوة تبوك ثم ندموا على ذلك.
واختلف المفسرون في عددهم فروي عن ابن عباس أنهم كانوا عشرة منهم أبو لبابة وروي أنهم كانوا خمسة أحدهم أبو لبابة وقال سعيد بن جبير وزيد بن أسلم كانوا ثمانية أحدهم أبو لبابة وثقال وقال قتادة والضحاك : كانوا سبعة أحدهم أبو لبابة.
وقيل : كانوا ثلاثة : أبو لبابة بن عبد المنذر، وأوس بن ثعلبة، ووديعة بن حزام، وذلك أنهم كانوا تخلفوا عن رسول الله ( ﷺ ) في غزوة تبوك ثم ندموا بعد ذلك وتابوا وقالوا أنكون في الظلال ومع النساء ورسول الله ( ﷺ ) وأصحابه في الجهاد واللأواء ؟ فلما رجع رسول الله ( ﷺ ) من سفره وقرب من المدينة قالوا : والله لنوثقن أنفسنا بالسواري فلا نطلقها حتى يكون رسول الله ( ﷺ ) هو الذي يطلقنا ويعذرنا فربطوا أنفسهم في سواري المسجد فلما رجع النبي ( ﷺ ) مرَّ بهم فرآهم فقال :( من هؤلاء ) ؟


الصفحة التالية
Icon