صفحة رقم ١٩٣
الكفار ) متى هذا الوعد ( يعني الذي تعدنا به يا محمد من نزلو العذاب وقيل قيام الساعة، وإنما قالوا ذلك على وجه التكذيب والاستبعاد ) إن كنتم صادقين ( يعني فيما تعدونا به، وإنما قالوا بلفظ الجمع لأن كل أمة قالت لرسولها كذلك أو يكون المعنى : إن كنتم صادقين أنت وأتباعك يا محمد أوذكروه بلفظ الجمع على سبيل التعظيم ) قل ( أي : قل لهم يا محمد ) لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً ( يعني لا أملك لنفسي دفع ضر أو جلب نفع ولا أقدر على ذلك ) إلا ما شاء الله ( يعني أن أقدر عليه أو أملكه.
والمعنى : أن إنزال العذاب على الأعداء وإظهار النصر للأولياء وعلم قيام الساعة لا يقدر عليه إلا الله فتعيين الوقت إلى الله سبحانه وتعالى بحسب مشيئته ثم إذا حضر ذلك الوقت الذي وقته الله لحدوث هذه الأشياء فإنه يحدث لا محالة وهو قوله سبحانه وتعالى :( ولكل أمة أجل ( أي مدة مضروبة ووقت معين ) إذا جاء أجلهم ( يعني إذا انقضت مدة أعمارهم ) فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ( يعني لا يتأخرون عن ذلك الأجل الذي أجل لهم ولا يتقدمونه ) قل ( أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك ) أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتاً ( يعني ليلاً يقال بات يفعل كذا إذا فعل بالليل والسبب فيه إن الإنسان في الليل لا يكون إلا في البيت غالباً فجعل الله هذه اللفظة كناية عن الليل ) أو نهاراً ( يعني في النهار ) ماذا يستعجل منه المجرمون ( يعني ما الذي يستعجلون من نزول العذاب وقد وقعوا فيه وحقيقة المعنى أنهم كانوا يستعجلون نزول العذاب كما أخبر الله سبحانه وتعالى عنهم بقوله ) اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ( " فأجابهم الله سبحانه وتعالى بقوله :( ماذا يستعجل منه المجرمون ( يعني أي شيء يعلم المجرمون ما يطلبون ويستعجلون كما يقول الرجل لغيره وقد فعل فعلاً قبيحاً ماذا جنيت على نفسك.
يونس :( ٥١ - ٥٦ ) أثم إذا ما...
" أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ألا إن لله ما في السماوات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون هو يحيي ويميت وإليه ترجعون " ( ) أثمّ إذا ما وقع ( يعني إذا ما نزل العذاب ووقع ) آمنتم به ( يعني آمنتم بالله وقت نزول العذاب وهو وقت اليأس وقيل معناه صدقتم بالعذاب عند نزوله ودخلت همزة الاستفهام على ثم للتوبيخ والتقريع ) آلآن ( فيه إضمار تقديره يقال لهم آلآن تؤمنون أي حين وقوع العذاب ) وقد كنتم به تستعجلون ( يعني تكذيباً واستهزاء ) ثم قيل للذين ظلموا ( يعني ظلموا أنفسهم بسبب شركهم وكفرهم بالله ) ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون ( يعني في الدنيا من الأعمال.
قوله سبحانه وتعالى :( ويستنبئونك أحق هو ( يعني ويستخبرونك يا محمد أحق ما تعدنا به من نزول العذاب وقيام الساعة ) قل إي وربي ( أي قل لهم يا محمد نعم وربي ) إنه لحق ( يعني إن الذي أعدكم به حق، لا شك فيه ) وما أنتم بمعجزين ( يعني بفائتين من العذاب لأن من عجز عن شيء فقد فاته ) ولو أن لكل نفس ظلمت ( يعني أشركت ) ما في الأرض ( يعني من شيء ) لافتدت به ( يعني يوم القيامة.
والافتداء : بمعنى البذل لما ينجو به من العذاب إلا أنه


الصفحة التالية
Icon