صفحة رقم ٢٠٥
ويفتتح بها الكلام فيكون المعنى ربنا إنك ابتليتهم بالضلال عن سبيلك ) ربنا اطمس على أموالهم ( الطمس : إزالة أثر الشيء بالمحو.
ومعنى اطمس على أموالهم أزال صورها وهيئاتها.
وقال مجاهد : أهلكها وقال أكثر المفسرين : امسخها وغيرها عن هيئتها، قال قتادة : بلغنا أن أموالهم وحروثهم وزروعهم وجواهرهم صارت حجارة، وقال محمد بن كعب القرظي : صارت صورهم حجارة وكان الرجل مع أهله في فراشه فصار حجرين والمرأة قائمة تخبز فصارت حجراً وهذا فيه ضعف لأن موسى عليه السلام دعى على أموالهم ولم يدع على أنفسهم بالمسخ.
وقال ابن عباس : بلغنا أن الدراهم والدنانير صارت حجارة منقوشة كهيئتها صحاحاً وأنصافاً وأثلاثاً.
وقيل إن عمر بن عبد العزيز دعا بخريطة فيها شيء من بقايا آل فرعون فأخرج منها البيضة منقوشة والجوزة مشقوقة وهي حجارة.
قال السدي : مسخ الله أموالهم حجارة النخل والثمار والدقيق والأطعمة هذا الطمس هو أحد الآيات التسع التي أوتيها موسى عليه السلام ) واشدد على قلوبهم ( يعني اربط على قلوبهم واطبع عليها وقسها حتى لا تلين ولا تنشرح للإيمان ومعنى الشد على القلوب الاستيثاق منها حتى لا يدخلها الإيمان ؛ قال الواحدي : وهذا دليل على أن الله سبحانه وتعالى يفعل ذلك لمن يشاء ولولا ذلك لما جسر موسى عليه السلام على هذا السؤال ) فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ( يعني الغرق قاله ابن عباس وقال ابن عباس في رواية أخرى عنه : قال موسى قبل أن يأتي فرعون ربنا اشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم فاستجاب الله له دعاءه فحال بين فرعون وبين الإيمان حتى أدركه الغرق فلم ينفعه الإيمان.
قال بعض العلماء : إنما دعا عليهم موسى بهذا الدعاء لما علم أن سابق قضاء الله وقدره فيهم أنهم لا يؤمنون ذلك أن الله سبحانه وتعالى كتب عليهم في الأزل أنهم لا يؤمنون فوافق دعاء موسى ما قدر وقضى عليهم.
يونس :( ٨٩ - ٩٠ ) قال قد أجيبت...
" قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين " ( ) قال ( الله عز وجل لموسى وهارون ) قد أجيبت دعوتكما ( إنما نسب الدعاء إليهما وأن الداعي هو موسى وحده لأن هارون عليه السلام كان يؤمن والتأمين دعاء لأنه طلب وسؤال أيضاً ومعناه اللهم استجب فصار بذلك شريك موسى في الدعاء فلذلك قال تعالى قد أجيب دعوتكما ) فاستقيما ( يعني على تبليغ الرسالة وامضيا لأمري إلى أن يأتيهم العذاب ) ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون ( يعني ولا تسلكا طريق الذين يجهلون حقيقة وعدي فإن وعدي لا خلف فيه ووعدي نازل بفرعون وقومه فلا تستعجلا.
قيل : كان بين دعاء موسى عليه السلام وبين الإجابة أربعون سنة.
قال الإمام فخر الدين الرازي : واعلم أن هذا النهي لا يدل على أن ذلك قد صدر من موسى وهارون كما أن قوله لئن أشركت ليحبطن عملك لا يدل على


الصفحة التالية
Icon