صفحة رقم ٢٤٢
طعامنا، وقال قتادة : ضحكت من غفلة قوم لوط وقرب العذاب منهم، وقال مقاتل والكلبي : ضحكت من خوف إبراهيم من ثلاثة وهو فيما بين خدمه وحشمه وخواصه وقيل : ضحكت من زوال الخوف عنها وعن إبراهيم وذلك أنها خافت لخوفه فحين قالوا لا تخف ضحكت سروراً وقيل ضحكت سروراً بالبشارة، وقال ابن عباس ووهب : ضحكت تعجباً من أن يكون لها ولد على كبر سنها وسن زوجها فعلى هذا القول يكون في الآية تقديم وتأخير تقديره فبشّرناها بإسحاق فضحكت يعني تعجباً من ذلك وقيل إنها قالت لإبراهيم أضمم إليك ابن أخيك لوطاً فإن العذاب نازل بقومه فلما جاءت الرسل وبشّرت بعذابهم سُّرت سارة بذلك وضحكت لموافقة ما ظنت.
القول الثاني : في معنى قوله فضحكت قال عكرمة ومجاهد أي حاضت في الوقت وأنكر بعض أهل اللغة ذلك، قال الراغب : وقول من قال حاضت ليس ذلك تفسيراً لقوله فضحكت كما تصوره بعض المفسرين فقال ضحكت بمعنى حاضت وإنما ذكر ذلك تنصيصاً لحالها فإن جعل ذلك أمارة لما بشرت به بحيضها في الوقت لتعلم أن حملها ليس بمنكر لأن المرأة ما دامت تحيض فإنها تحمل وقال الفراء : ضحكت بمعنى حاضت لم نسمعه من ثقة، وقال الزجاج : ليس بشيء ضحكت بمعنى حاضت، وقال ابن الأنباري : قد أنكر الفراء وأبو عبيدة أن يكون ضحكت بمعنى حاضت وقد عرفه غيرهم وأنشد :
تضحك الضبع لقتلى هذيل
وترى الذئب بها يستهل
قال : أراد أنها تحيض فرحاً وقال الليث في هذه الآية فضحكت أي طمثت وحكى الأزهري عن بعضهم في قوله فضحكت أي حاضت قال : ويقال أصله من ضحاك الطلعة إذا انشقت، قال : وقال الأخطل فيه بمعنى الحيض :
تضحك الضبع من دماء سليم
إذ رأتها على الحراب تمور
وقال في المحكم : ضحكت المرأة حاضت وبه فسر بعضهم قوله سبحانه وتعالى فضحكت فبشرناها بإسحاق وضحكت الأرنب ضحكاً يعني حاضت حيضاً قال :
وضحك الأرنب فوق الصفا كمثل دم الخوف يوم اللقا
يعني الحيض فيما زعم بعضهم وأجاب عن هذا من أنكر أن يكون الضحك بمعنى الحيض، قال : كان ابن دريد يقول من شاهد الضبع كند كشرها علم أنها تحيض وإنما أراد الشاعر تكشر لأكل اللحوم وهذا سهو منه لأنه جعل كشرها حيضاً، وقيل : معناه أنها تستبشر بالقتلى فتهز بعضها على بعض فجعل هزيزها ضحكاً، وقيل : لأنها تسر بهم فجعل سرورها ضحكاً.
فإن قلت أي القولين أصح في معنى الضحك قلت إن الله عز وجل حكى عنها أنها ضحكت وكلا القولين محتمل في معنى الضحك فالله أعلم أي ذلك كان وقوله سبحانه وتعالى :( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ( يعني : ومن بعد إسحاق يعقوب وهو ولد الولد فبشرت سارة بأنها تعيش حتى ترى ولد ولدها فلما بشرت بالولد صكت وجهها أي ضربت وجهها وهو من صنيع النساء وعادتهن وإنما فعلت ذلك تعجباً.
هود :( ٧٢ - ٧٣ ) قالت يا ويلتى...
" قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد " ( ) قالت يا ويلتا ( نداء ندبة وأصلها يا ويلتاه وهي كلمة يستعملها الإنسان عند رؤية ما يتعجب منه مثل ما عجباه ) أألد وأنا عجوز ( وكانت


الصفحة التالية
Icon