صفحة رقم ٢٤٤
وكانوا على صورة غلمان مرد حسان الوجوه ) سيء بهم ( يعني أحزن لوط بمجيئهم إليه وساء ظنه بقومه ) وضاق بهم ذرعاً ( قال الأزهري : الذي يوضع موضع الطاقة والأصل فيه أن البعير يذرع بيديه في سيره ذرعاً على قدر سعة خطوه فإذا حمل عليه أكثر من طوقه ضاق ذرعه من ذلك وضعف ومد عنقه فجعل ضيق الذرع عبارة عن ضيق الوسع والطاقة والمعنى وضاق بهم ذرعاً إذا لم يجد من المكروه في ذلك الأمر مخلصاً، وقال غيره : معناه ضاق بهم قلباً وصدراً ولا يعرف أصله إلا أن يقال إن الذرع كناية عن الوسع، والعرب تقول : ليس هذا في يدي يعنون ليس هذا في وسعي لأن الذراع من اليد ويقال ضاق فلان ذرعاً بكذا إذا وقع في مكروه ولا يطيق الخروج منه وذلك أن لوطاً عليه السلام لما نظر إلى حسن وجوههم وطيب روائحهم أشفق عليهم من قومه وخاف أن يقصدوهم بمكروه أو فاحشة وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عنهم ) وقال ( يعني لوطاً ) هذا يوم عصيب ( أي : شديد كأنه قد عصب به الشر والبلاء أي شد به مأخوذ من العصابة التي تشد به الرأس، قال قتادة والسدي : خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط فأتوا لوطاً نصف النهار وهو يعمل في أرض له وقيل أنه كان يحتطب وقد قال الله سبحانه وتعالى للملائكة لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات فاستضافوه فانطلق بهم فلما مشى ساعة قال لهم أما بلغكم أمر هذه القرية قالوا وما أمرهم قال أشهد بالله إنها لشر قرية في الأرض عملاً يقول ذلك أربع مرات فمضوا معه حتى دخلوا منزله وقيل : إنه لما حمل الحطب ومعه الملائكة مر على جماعة من قومه فتغامزوا فيما بينهم فقال لوط إن قومي شر خلق الله تعالى، فقال جبريل : هذه واحدة فمر على جماعة أخرى فتغامزوا فقال مثله ثم مر على جماعة أخرى ففعلوا ذلك وقال لوط مثل ما قال أولاً حتى قال ذلك أربع مرات وكلما قال لوط هذا القول قال جبريل للملائكة اشهدوا وقيل إن الملائكة جاءوا إلى بيت لوط فوجدوه في داره فدخلوا عليه ولم يعلم أحد بمجيئهم إلا أهل بيت لوط فخرجت امرأته الخبيثة فأخبرت قومها وقالت : إن في بيت لوط رجالاً ما رأيت مثل وجوههم قط ولا أحسن منهم.
هود :( ٧٨ - ٨٠ ) وجاءه قومه يهرعون...
" وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد " ( ) وجاءه قومه يهرعون إليه ( قال ابن عباس وقتادة يسرعون إليه وقال مجاهد يهرولون، وقال الحسن : الإهراع هو مشي بين مشيين وقال شمر هو بين الهرولة والخبب والجمز ) ومن قبل ( يعنى من قبل مجيء الرسل إليهم قيل ومن قبل مجيئهم إلى لوط ) كانوا يعملون السيئات ( يعني الفعلات الخبيثة والفاحشة القبيحة وهي إتيان الرجال في أدبارهم ) قال ( يعني : قال لوط لقومه حين قصدوا أضيافه وظنوا أنهم غلمان من بني آدم ) يا قوم هؤلاء بناتي ( يعني أزواجكم إياهن وقى أضيافه ببناته قيل إنه كان في ذلك الوقت وفي تلك الشريعة تزويج المرأة المسلمة بالكافر، وقال الحسن بن الفضل : عرض بناته عليهم بشرط الإسلام، وقال مجاهد وسعيد بن جبير : أراد ببناته


الصفحة التالية
Icon