صفحة رقم ٢٤٥
نساء قومه وأضافهن إلى نفسه لأن كل نبي أبو أمته وهو كالوالد لهم وهذا القول هو الصحيح وأشبه بالصواب إن شاء الله تعالى والدليل عليه أن بنات لوط كانتا إثنتين وليستا بكافيتين للجماعة وليس من المروءة أن يعرض الرجل بناته على أعدائه ليزوجهن إياهم فكيف يليق ذلك بمنصب الأنبياء أن يعرضوا بناتهم على الكفار وقيل إنما قال ذلك لوط على سبيل الدفع لقومه لا على سبيل التحقيق وفي قوله ) هن أطهر لكم ( سؤال وهو أن يقال أن قوله هو أطهر لكم من باب أفعل التفضيل فيقتضي أن يكون الذي يطلبونه من الرجال طاهراً ومعلوم أنه محرم فاسد نجس لا طهارة فيه البتة فكيف قال هن أطهر لكم والجواب عن هذا السؤال إن هذا جار مجرى قوله ذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم ومعلوم أن شجرة الزقوم لا خير فيها وكقوله ( ﷺ ) لما قال يوم أحد اعل هبل قال الله أعلى وأجل إذ لا مماثلة بين الله عز وجل والصنم وإنما هو كلام خرج مخرج المقابلة ولهذا نظائر كثيرة.
وقوله ) فاتقوا الله ( يعني خافوه وراقبوه واتركوا ما أنتم عليه من الكفر والعصيان ) ولا تخزون في ضيفي ( يعني ولا تسوءني في أضيافي ولا تفضحوني معهم ) أليس منكم رجل رشيد ( أي صالح سديد عاقل، وقال عكرمة : رجل يقول لا إله إلا الله، وقال محمد بن إسحاق : رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حتى ينهى عن هذا الفعل القبيح ) قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق ( يعني ليس لنا بهن حاجة ولا لنا فيهن شهوة وقيل معناه ليست بناتك لنا بأزواج ولا مستحقين نكاحهن وقيل معناه مالنا في بناتك من حاجة لأنك دعوتنا إلى نكاحهن بشرط الإيمان ولا نريد ذلك ) وإنك لتعلم ما نريد ( يعني من إتيان الرجال في أدبارهم فعند ذلك ) قال ( لوط عليه السلام ) لو أن لي بكم قوة ( أي لو أني أقدر أن أتقوى عليكم ) أو آوي إلى ركن شديد ( يعني أو أنضم إلى عشيرة يمنعوني منكم، وجواب لو محذوف تقديره لو وجدت قوة لقاتلتكم أو لوجدت عشرة لانضممت إليهم قال أبو هريرة : ما بعث الله نبياً بعده إلا في منعة من عشيرته
( ق ) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( يرحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف ثم أتاني الداعي لأجبته ) قال الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله : المراد بالركن الشديد هو الله عز وجل فإنه أشد الأركان وأقواها وأمنعها ومعنى الحديث أن لوطاً عليه السلام لما خاف على أضيافه ولم تكن له عشيرة تمنعهم من الظالمين ضاق ذرعه واشتد خزنه عليهم فغلب ذلك عليه فقال في تلك الحال لو أن لي بكم قوة في الدفع بنفسي أو آوي إلى عشيرة تمنع لمنعتكم وقصد لوط إظهار العذر عند أضيافه وأنه لو استطاع لدفع المكروه عنهم ومعنى باقي الحديث فيما يتعلق بيوسف عليه السلام يأتي في موضعه من سورة يوسف إن شاء الله تعالى، قال ابن عباس وأهل التفسير : أغلق لوط بابه والملائكة معه في الدار وجعل يناظر قومه ويناشدهم من وراء الباب وقومه يعالجون سور الدار فلما رأت الملائكة