صفحة رقم ٣٢٣
تعالى حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا أو كذبوا، قالت : بل كذبهم قومهم فقلت والله لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم وما هو بالظن فقالت يا عروة أجل لقد استيقنوا بذلك فقلت لعلها قد كذبوا فقالت : معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك من ربهم قلت فما هذه الآية قالت هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم فطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم وظنوا أن أتباعهم كذبوهم جاءهم نصر الله عند ذلك.
وفي رواية عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة قال : قال ابن عباس حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا خفيفة قال ذهب لها هنالك وتلا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب قال فلقيت عروة بن الزبير وذكرت ذلك له فقال قالت عائشة معاذ الله والله ما وعد الله ورسوله من شيء قط إلا علم أنه كائن قبل أن يموت ولكن لم يزل البلاء بالرسل حتى خافوا أن يكون معهم من قومهم من يكذبوهم فكانت تقرؤها وظنوا أنهم قد كذبوا مثقلة.
وقوله تعالى :( جاءهم نصرنا ( يعني جاء نصر الله النبيين ) فنجي من نشاء ( من عبادنا يعني عند نزول العذاب بالكافرين فننجي المؤمنين المطيعين ) ولا يرد بأسنا ( يعني عذابنا ) عن القوم المجرمين ( يعني المشركين قوله تعالى :( لقد كان في قصصهم ( يعني في خبر يوسف وإخوته ) عبرة ( أي موعظة ) لأولي الألباب ( يعني يتعظ بها أولو الألباب والعقول الصحيحة ومعناه الاعتبار والعبرة الحالة التي يتوصل بها الإنسان من معرفة المشاهد إلى ما ليس بمشاهد والمراد من التأمل والتفكر ووجه الاعتبار بهذه القصة أن الذي قدر على إخراج يوسف من الجب بعد إلقائه فيه وإخراجه من السجن وتمليكه مصر بعد العبودية وجمع شملة بأبيه وإخوته بعد المدة الطويلة واليأس من الاجتماع لقادر على إعزاز محمد ( ﷺ ) وإعلاء كلمته وإظهار دينه وأن الإخبار بهذه القصة العجيبة جار مجرى الإخبار عن الغيوب فكانت معجزة لمحمد ( ﷺ )، وقيل : إن الله تعالى قال في أول هذه السورة نحن نقص عليك أحسن القصص وقال في آخرها لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب فدل على هذه القصة من أحسن القصص وإن فيها عبرة لمن اعتبرها ) ما كان حديثاً يفترى ( يعني ما كان هذا القرآن حديثاً يفتري ويختلق لأن الذي جاء به من عند الله وهو محمد ( ﷺ ) لا يصح منه أن يفتريه أو يختلقه لأنه لم يقرأ الكتب ولم يخلط العلماء ثم إنه جاء بهذا القرآن المعجز فدل ذلك على صدقه وأنه ليس بمفتر ) ولكن تصديق الذي بين يديه ( يعني ولكن كان تصديق الذي بين يديه من الكتب الإلهية المنزلة من السماء من التوراة