صفحة رقم ٨٥
عائدة إلى الرسول ( ﷺ ) والمعنى ليعلمه شرائع الدين كلها ويظهره عليها حتى لا يخفى عليه شيء منها وقال غيره من المفسرين الهاء راجعة إلى الدين الحق والمعنى ليظهر دين الإسلام على الأديان كلها وهو ألا يعبد الله إلا به وقال أبو هريرة والضحاك ذلك عند نزول عيسى عليه السلام فلا يبقى أهل دين إلا دخلوا في الإسلام ويدل على صحة هذا التأويل ما روي عن أبي هريرة في حديث نزول عيسى عليه السلام قال : قال النبي ( ﷺ ) ( ويهلك في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ) عن المقداد قال سمعت رسول الله ( ﷺ ) يقول :( لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله كلمة الإسلام إما بعز عزيز أو بذل ذليل إما أن يعزهم فيجعلهم من أهله فيعزوا به وإما أن يذلهم فيدينون له ) أخرجه البغوي بغير سند ( م ) عن عائشة قالت سمعت رسول الله ( ﷺ ) يقول :( لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى ) فقلت يا رسول الله إني كنت أظن حين أنزل الله تعالى هو الذين أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله إن ذلك تام قال ( إنه سيكون ذلك ما شاء الله ثم يبعث ريحاً طيبة تتوفى كل من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم ) قال الشافعي : وقد أظهر الله دين رسوله ( ﷺ ) على الأديان كلها بأن أبان لكل من سمعه أنه الحق وما خالفه من الأديان باطل وقال وأظهره على الشرك دين أهل الكتاب ودين الأميين فقهر رسول الله ( ﷺ ) الأميين حتى دانوا بالإسلام طوعاً وكرهاً وقتل أهل الكتاب وسبى حتى دان بعضهم بالإسلام وأعطى بعضهم الجزية صاغرين وجرى عليهم حكمه فهذا هو ظهوره على الدين كله ) ولو كره المشركون (.
التوبة :( ٣٤ ) يا أيها الذين...
" يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم " ( قوله تعالى :( يا أيها الذين آمنوا إن كثيراً من الأحبار والرهبان ( قد تقدم معنى الأحبار والرهبان وإن الاحبار من اليهود والرهبان من النصرى وفي قوله سبحانه وتعالى :( إن كثيراً ( دليل على ان الأقل من الأحبار والرهبان لم يأكلوا أموال الناس بالباطل ولعلهم الذين كانوا قبل بعث النبي ( ﷺ ) وعبر عن أخذ الأموال بالأكل في قوله تعالى :( ليأكلون أموال الناس بالباطل ( لأن المقصود الأعظم من جمع المال الأكل فسمى الشيء باسم ما هو أعظم مقاصد واختلفوا في السبب الذي من أجله أكلوا أموال الناس بالباطل فقيل إنهم كانوا يأخذون الرشا من سفلتهم في تخفيف الشرائع والمسامحة في الأحكام وقيل إنهم كانوا يكتبون بأيديهم كتباً يحرفونها ويبدلونها ويقولون هذه من عند الله ويأخذون بها ثمناً قليلاً وهي المآكل


الصفحة التالية
Icon