صفحة رقم ٩٧
بجوار الله والنبي ( ﷺ ) يومئذ بمكة فقال النبي ( ﷺ ) للمسلمين :( إني رأيت دار هجرتكم سبخة ذات نخل بين لابتين ) وهما الحرتان فهاجر من هاجر قبل المدينة ورجع عامة من كان بأرض الحبشة إلى المدينة وتجهز أبو بكر قبل الميدنة فقال له رسول الله ( ﷺ ) ( على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي ) فقال أبو بكر وهل ترجو ذلك بأبي أنت وأمي قال ( نعم ) فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله ( ﷺ ) ليصحبه وعلف راحلتين كانتا عنده من ورق السمر هو الخبط أربعة أشهر قال ابن شهاب : قال عروة قالت عائشة : فبينا نحن جلوس يوماً في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل هذا رسول الله ( ﷺ ) متقنعاً في ساعة لم يكن يأتينا فيها.
فقال أبو بكر : فداء له أبي وأمي والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر قالت فجاء رسول الله ( ﷺ ) فاستأذن، فأذن له فدخل فقال النبي ( ﷺ ) لأبي بكر :( اخرج من عندك ) فقال أبو بكر إنما هم أهلك بأبي أنت وأمي يا رسول الله.
قال : فإني قد أذن لي في الخروج قال أبو بكر الصحبة بأبي أنت وأمي يا رسول الله فقال رسول الله ( ﷺ ) ( نعم ) قال أبو بكر : فخذ بأبي أنت وأمي يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين فقال رسول الله ( ﷺ ) : بالثمن.
قالت عائشة : فجهزناهما أحث الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به فم الجراب فبذلك سميت ذات النطاقين قالت ثم لحق رسول الله ( ﷺ ) وأبو بكر بغار في جبل ثور فكمنا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف لقن فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة كبائت فلا يسمع أمراً يكادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم فيريحها عليهما حتى تذهب ساعة من الشعاء فيبيتان في رسل حتى ينعق بهما عامر بن فهيرة بغلس يفعل ذلك كل ليلة من تلك الليالي الثلاث واستأجر رسول الله ( ﷺ ) وأبو بكر رجلاً من بني الديل وهو من بني عبد بن عدي هادياً خريتا والخريت الماهر بالهداية قد غمس حلفاً في آل العاص بن وائل السهمي وهو على دين كفار قريش فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال فأتاهما صبح ثلاث فارتحلا وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل الديلي فأخذ بهم طريق السواحل وفي رواية طريق الساحل.
قال ابن شهاب : فأخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم أن أباه أخبره أنه سمع سراقة بن مالك بن جعشم يقول : جاءنا رسول كفار قريش يجعلون في رسول الله ( ﷺ ) وأبي بكر دية كل واحد منهما لمن قتله أو أسره فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس.
فقال : يا سراقة إني قد رأيت آنفاً أسودة بالساحل أرها محمداً وأصحابه قال سراقة فعرفت أنهم هم فقلت له : إنهم ليسوا بهم ولكنك رأيت فلاناً وفلاناً انطلقوا بأعيننا يبتغون ضالة لهم ثم لبثت في المجلس ساعة ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة فتحبسها عليّ وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فخططت بزجه الأرض وخفضت عاليه حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم فعثرت بي فرسي فخررت عنها فقمت وأهويت بيدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها أضرهم أم لا فخرج الذي أكره فركبت فرسي وعصيت الأزلام