صفحة رقم ١٠٨
ونحو ذلك ) ومتاعاً ( يعني وبلاغاً وهو ما يتمتعون به ) إلى حين ( يعني إلى حين يبلى ذلك الأثاث، وقيل : إلى حين الموت.
فإن قلت : أي فرق بين الأثاث والمتاع حتى ذكره بواو العطف، والعطف يوجب المغايرة فهل من فرق ؟.
قلت : الأثاث ما كثر من آلات البيت وحوائجه وغير ذلك فيدخل فيه جميع أصناف المال، والمتاع ما ينتفع به في البيت خاصة فظهر الفرق بين اللفظتين والله أعلم.
النحل :( ٨١ - ٨٨ ) والله جعل لكم...
" والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون وإذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون " ( ) والله جعل لكم مما خلق ظلالاً ( يعني جعل لكم ما تستظلون به من شدة الحر والبرد، وهي ظلال الأبنية والجدران والأشجار ) وجعل لكم من الجبال أكناناً ( جمع كن وهو ما يستكن فيه من شدة الحر والبرد، كالأسراب والغيران ونحوها وذلك لأن الإنسان إما أن يكون غنياً أو فقيراً، فإذا سافر احتاج في سفره ما يقيه من شدة الحر والبرد فأما الغني فيستصحب معه الخيام في سفره، ليستكن فيها وإليه الإشاره بقوله ) وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً ( وأما الفقير فيستكن في ظلال الأشجار والحيطان والكهوف ونحوها، وإليه الإشارة بقوله والله جعل لكم مما خلق ظلالاً وجعل لكم من الجبال أكناناً ولأن بلاد العرب شديدة الحر، وحاجتهم إلى الضلال وما يدفع شدته وقوته أكثر فلهذا السبب ذكر الله هذه المعاني في معرض الامتنان عليهم بها، لأن النعمة عليهم فيها ظاهرة ) وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر ( يعني وجعل لكم قمصاً وثياباً من القطن والكتان والصوف وغير ذلك، تمنعكم من شدة الحر قال أهل المعاني والبرد فاكتفى بذكر أحدهما لدلالة الكلام عليه ) وسرابيل تقيكم بأسكم ( يعني الدروع والجواشن وسائر ما يلبس في الحرب من السلاح، والبأس الحرب يعني تقيكم في بأسكم السلاح أن يصيبكم.
قال عطاء الخراساني : إنما نزل القرآن على قدر معرفتهم فقال تعالى وجعل لكم من الجبال أكناناً، وما جعله لهم من السهول أعظم وأكثر، ولكنهم كانوا أصحاب جبال كما قال ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها وما جعل لهم من القطن والكتاب أكثر، ولكن كانوا أصحاب صوف ووبر وشعر، وكما قال تعالى ) وينزل من السماء من جبال فيها من برد ( وما أنزل من الثلج أكثر، ولكنهم كانوا لا يعرفون الثلج وقال تقيكم الحر وما جعل لهم مما يقي من البرد أكثر ولكنهم كانوا أصحاب حر.
وقوله سبحانه وتعالى ) كذلك ( يعني كما أنعم عليكم بهذه النعم ) يتم نعمته عليكم ( يعني نعم الدنيا والدين ) لعلكم تسلمون ( يعني لعلكم يا أهل مكة تخلصون لله الوحدانية والربوبية والعبادة والطاعة وتعلمون، أنه لا يقدر على هذه الإنعامات إلا الله تعالى ) فإن تولو ( يعني فإن أعرضوا عن الإيمان بك وتصديقك يا محمد وآثروا ما هم فيه من الكفر واللذات الدنيوية، فإنما وبال ذلك عليهم لا عليك ) فإنما عليك البلاغ المبين ( يعني ليس عليك في ذلك عتب، ولا سمة تقصير إنما عليك البلاغ، وقد فعلت ذلك ثم ذمهم الله تعالى بقوله ) يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها ( قال السدي : نعمة الله يعني محمداً ( ﷺ ) أنكروه وكذبوه.
وقيل : نعمة الله هي الإسلام لأنه من أعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده، ثم إن كفار مكة أنكروه وجحدوه، وقال مجاهد وقتادة : نعمة الله ما عدد عليهم في هذه السورة من النعم يقرون بأنها من الله، ثم إذا قيل لهم : صدقوا وامتثلوا أمر الله فيها ينكرونها ويقولون ورثناها عن آبائنا.
وقال الكلبي : إنه لما ذكر هذه النعم قالوا : هذه نعم كلها من الله تعالى لكنهم بشفاعة آلهتنا وقيل هو قول الرجل لولا