صفحة رقم ١١٥
لأجل التبديل والنسخ ؟ وإنما فائدة ذلك ترجع إلى مصالح العباد، كما يقال : إن الطبيب يأمر المريض بشرب دواء ثم بعد ذلك ينهاه عنه ويأمر بغيره لما يرى فيه من المصلحة ) بل أكثرهم لا يعلمون ( يعني لا يعلمون فائدة الناسخ وتبديل النسوخ ) قل ( أي قل لهم يا محمد ) نزله ( يعني القرآن ) روح القدس ( يعني جبريل ( ﷺ ) أضيف إلى القدس وهو الطهر كما يقال حاتم الجود وطلحة الخير، والمعنى الروح المقدس المطهر ) من ربك ( يعني أن جبريل نزل بالقرآن من ربك يا محمد ) بالحق ليثبت الذين آمنوا ( يعني ليثبت بالقرآن قلوب المؤمنين فيزدادوا إيماناً ويقيناً ) وهدى وبشرى ( يعني وهو هدى وبشرى ) للمسلمين (.
النحل :( ١٠٣ - ١٠٥ ) ولقد نعلم أنهم...
" ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون " ( قوله عزو جل :( ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر ( وذلك أن كفار مكة قالوا : إنما يتعلم هذه القصص وهذه الأخبار من إنسان آخر وهو آدمي مثله، وليس هو من عند الله كما يزعم فأجابهم الله بقوله ولقد نعلم أنهم يقولون : إنما يعلمه بشر واختلفوا في ذلك البشر من هو فقال ابن عباس : كان رسول الله ( ﷺ ) يعلم قيناً بمكة اسمه بلعام وكان نصرانياً أعجمي اللسان فكان المشركون يرون رسول الله ( ﷺ ) يدخل عليه ويخرج من عنده، فكانوا يقولون إنما يعلمه بلعام.
وقال عكرمة : كان رسول الله ( ﷺ ) يقرىء غلاماً لبني المغيرة يقال له يعيش فكان يقرأ الكتب ؟ فقالت قريش : إنما يعلمه يعيش، وقال محمد بن إسحاق : كان رسول الله ( ﷺ ) فيما بلغني كثيراً ما يجلس عند المروة إلى غلام رومي نصراني عبد لبعض بني الحضرمي يقال له : جبر وكان يقرأ الكتب.
وقال عبيد الله بن مسلمة : كان لنا عبدان من أهل عين التمر يقال لأحدهما : يسار ويكنى أبا فكيهة، ويقال للآخر : جبر وكانا يصنعان السيوف بمكة، وكانا يقرآن التوراة والإنجيل بمكة فربما مر بهما النبي ( ﷺ ) وهما يقرآن فيقف ويستمع قال الضحاك : وكان رسول الله ( ﷺ ) إذا آذاه الكفار يقعد إليهما فيتروح بكلامهما، فقال المشركون إنما يتعلم محمد منهما.
وقال الفراء : قال المشركون إنما يتعلم محمد من عائش المملوك كان لحويطب بن عبد العزى كان نصرانياً، وقد أسلم وحسن إسلامه وكان أعجمياً، وقيل : هو عداس غلام عتبة بن ربيعة، والحاصل أن الكفار اتهموا رسول الله صلى الله عليه سلم وقالوا إنما يتعلم هذه الكلمات من غيره ثم إنه يضيفها لنفسه، ويزعم أنه وحي من الله عز وجل وهو كاذب في ذلك فأجاب الله عنه، وأنزل هذه الآية تكذيباً لهم فيما رموا به رسول الله ( ﷺ ) من الكذب فقال تعالى ) لسان الذي يلحدون إليه ( يعني يميلون، ويشيرون إليه ) أعجمي ( يعني هو أعجمي والأعجمي هو الذي لا يفصح في كلامه، وإن كان يسكن البادية ومنه سمي زياد الأعجم لأنه كان في لسانه عجمة مع أنه كان من العرب، والعجمي منسوب إلى العجم، وإن كان فصيحاً بالعربية والأعرابي الذي يسكن البادية، والعربي الذي يسكن الأمصار من بلاد العرب