صفحة رقم ١٥١
يحيى وعمدت حين جلس الملك على شرابه فألبستها ثياباً رقاقاً حمراً وطيبتها وألبستها الحلي، وأرسلتها إلى الملك وأمرتها أن تسقيه فإن هو راودها عن نفسها أبت عليه حتى يعطيها ما سألته فإذا أعطاها ما سألت سألت رأس يحيى بن زكريا، وأن يؤتى به في طست ففعلت فلما راودها قالت : لا أفعل حتى تعطيني ما أسألك قال فما تسأليني قالت : رأس يحيى بن زكريا في هذا الطست فقال ويحك سليني غير هذا.
قالت : ما أريد غير هذا فلما أبت عليه، بعث فأتي برأسه حتى وضع بين يديه والرأس يتكلم يقول : لا يحل لك فلما أصبح إذا دمه يغلي، فأمر بتراب فألقي عليه فرقى الدم يغلي فلا زال يغلي، ويلقى عليه التراب، وهو يغلي حتى بلغ سور المدينة وهو في ذلك يرقى ويغلي وسلط الله عليهم ملك بابل فخرب بيت المقدس، وقتل سبعين ألفاً حتى سكن دمه.
الإسراء :( ٨ - ١٩ ) عسى ربكم أن...
" عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا " ( ) عسى ربكم أن يرحمكم ( يعني يا بني إسرائيل بعد انتقامه منكم فيرد الدولة إليكم ) وإن عدتم ( أي إلى المعصية ) عدنا ( أي إلى العقوبة.
قال قتادة فعادوا فبعث الله محمداً ( ﷺ ) : فهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون ) وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً ( أي سجناً ومحبساً من الحصر الذي هو مجلس الحبس، و قيل : فراشاً من الحصير الذي يبسط ويفترش.
قوله تعالى ) إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ( أي إلى الطريقة التي هي أصوب وقيل : إلى الكلمة التي هي أعدل وهي شهاة أن لا إله إلا الله ) ويبشر ( يعني القرآن ) المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً ( يعني الجنة ) وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذاباً أليماً ( يعني النار في الآخرة ) ويدع الإنسان ( أي على نفسه وولده وماله ) بالشر ( يعني قوله عند الغضب : اللهم أهلكه اللهم العنه ونحو ذلك ) دعاءه بالخير ( أي كدعائه ربه أن يهب له النعمة والعافية ولو استجاب الله دعاءه على نفسه لهلك، ولكن الله لا يستجيب بفضله وكرمه ) وكان الإنسان عجولاً ( أي بالدعاء على ما يكره أن يستجاب له فيه، وقال ابن عباس : ضجراً لا صبر له على سّراء ولا ضراء.
قوله تعالى ) وجعلنا الليل والنهار آيتين ( أي علامتين دالتين على وحدانيتنا وقدرتنا وفي معنى الآية قولان : أحدهما : أن يكون المراد من الآيتين نفس الليل والنهار، وهو أنه جعلهما دليلين للخلق على مصالح الدنيا والدين، أما في الدين فلأن كل واحد منهما مضاد للآخر مغاير مع كونهما متعاقبين على الدوام ففيه أقوى دليل على أن لهما مدبراً يدبرهما، ويقدرهما بالمقادير المخصوصة وأما في الدنيا، فلأن مصالح العباد لا تتم إلا بهما ففي الليل يحصل السكون، والراحة وفي النهار يحصل التصرف في المعاش والكسب.
والقول الثاني : أن يكون المراد وجعلنا نيرى الليل والنهار آيتين يريد الشمس والقمر ) فمحونا آية الليل ( أي جعلنا الليل ممحو الضوء مطموساً مظلماً لا يستبان فيه شيء ) وجعلنا آية النهار مبصرة ( أي تبصر فيه الأشياء رؤية


الصفحة التالية
Icon