صفحة رقم ١٥٣
إنك لست بظلام للعبيد فاجعلني أحاسب نفسي.
فيقال له اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً.
قوله سبحانه وتعالى ) من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ( يعني أن ثواب العمل الصالح مختص بفاعله، وعقاب الذنب مختص بفاعله أيضاً، ولا يتعدى منه إلى غيره وهو قوله تعالى ) ولا تزر وازرة وزر أخرى ( أي لا تحمل حاملة ثقل أخرى من الآثام، ولا يؤاخذ أحد بذنب أحد بل كل أحد مختص بذنبه ) وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ( لإقامة الحجة وقطعاً للعذر وفيه دليل على أن ما وجب إنما وجب بالسمع لا بالعقل.
قوله سبحانه وتعالى ) وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ( في معنى الآية قولان : أحدهما : أن المراد منه الأمر بالفعل، ثم إن لفظ الآية يدل على أنه تعالى بماذا أمرهم فقال أكثر المفسرين : معناه أنه تعالى أمرهم بالأعمال الصالحة، وهي الإيمان والطاعة وفعل الخير والقوم خالفوا ذلك الأمر وفسقوا.
والقول الثاني : أمرنا مترفيها أي كثرنا فساقها.
يقال أمر القوم إذا كثروا وأمرهم الله إذا كثرهم، ومنه الحديث ( خير المال مهرة مأمورة ) أي كثيرة النتاج والنسل فعلى هذه قوله تعالى أمرنا ليس من الأمر بالفعل.
والمترف هو الذي أبطرته النعمة وسعة العيش ) ففسقوا فيها ( أي خرجوا عما أمرهم الله به من الطاعة ) فحق عليها القول ( أي وجب عليها العقاب ) فدمرناها تدميراً ( أي أهلكناها إهلاك استئصال والدمار الهلاك والخراب
( ق )، عن أم المؤمنين زينب بنت جحش أن النبي ( ﷺ ) دخل عليها فزعاً يقول :( لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها.
قالت زينب : قلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال : نعم إذا كثر الخبث ) قوله : ويل للعرب.
ويل كلمة تقال : لمن وقع في هلكة، أو أشرف أن يقع فيها وقوله إذا كثر الخبث أي الشر قوله تعالى ) وكم أهلكنا من القرون ( أي المكذبة ) من بعد نوح ( وهم عاد وثمود وغيرهم من الأمم الخالية يخوف الله بذلك كفار قريش.
قال عبد الله بن أبي أوفى : القرن عشرون ومائة سنة فكان رسول الله ( ﷺ ) في أول قرن ويزيد بن معاوية في آخره.
وقيل : القرن مائة سنة وروي عن محمد بن القاسم بن عبد الله بن بشر المازني أن النبي ( ﷺ ) وضع يده على رأسه وقال :( سيعيش هذا الغلام قرناً ) قال محمد ابن القاسم : ما زلنا نعد له حتى تمت له مائة سنة ثم مات.
وقيل : القرن ثمانون سنة.
وقيل : أربعون ) وكفى بربك بذنوب عباده خبيراً بصيراً (


الصفحة التالية
Icon