صفحة رقم ١٥٤
يعني أنه عالم بجميع المعلومات راء لجميع المرئيات، لا يخفى عليه شيء من أحوال الخلق.
قوله عز وجل ) من كان يريد العاجلة ( أي الدار العاجلة يعني الدنيا ) عجلنا له فيها ما نشاء ( أي من البسط أو التقتير ) لمن نريد ( أن نفعل به ذلك أو إهلاكه، وقيل في معنى الآية.
عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد أي القدر الذي نشاء نعجله له في الدنيا، الذي يشاء هو ولمن نريد أن نعجل له شيئاً، قدرناه له هذا ذم لمن أراد بعمله ظاهر الدنيا ومنفعتها وبيان أن من أرادها لا يدرك منها إلا ما قدر له، ) ثم جعلنا له ( أي في الآخرة ) جهنم يصلاها ( أي يدخلها ) مذموماً مدحوراً ( أي مطروداً مباعداً.
قوله سبحانه وتعالى ) ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها ( أي عمل لها عملها ) وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً ( أي مقبولاً قيل : في الآية ثلاث شرائط في كون السعي مشكوراً إرادة الآخرة بعمله بأن يعقد بها همه ويتجافى عن دار الغرور، والسعي فيما كلف من الفعل والترك، والإيمان الصحيح الثابت، وعن بعض السلف الصالح.
من لم يكن معه ثلاث لم ينفعه عمله، إيمان ثابت، ونية صادقة، وعمل مصيب.
الإسراء :( ٢٠ - ٢٥ ) كلا نمد هؤلاء...
" كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا " ( قوله عز وجل :( كلا نمد هؤلاء وهؤلاء ( أي نمد كلا الفريقين من يريد الدنيا، ومن يريد الآخرة ) من عطاء ربك ( يعني يرزقها جميعاً ثم يختلف الحال بهما في المآل ) وما كان عطاء ربك محظوراً ( أي ممنوعاً عن عباده والمراد بالعطاء العطاء في الدنيا إذ لا حظ للكافر في الآخرة ) انظر ( يا محمد ) كيف فضلنا بعضهم على بعض ( أي في الرزق والعمل يعني طالب العاجلة وطالب الآخرة ) وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً ( يعني أن تفاضل الخلق في درجات منافع الدنيا محسوس فتفاضلهم في درجات منافع الآخرة أكبر وأعظم فإن نسبة التفاضل في درجات الآخرة إلى التفاضل في درجات الدنيا، كنسبة الآخرة إلى الدنيا فإذا كان الإنسان تشتد رغبته في طلب الدنيا فلأن تقوى وتشتد رغبته في طلب الآخرة أولى، لأنها دار المقامة.
قوله تعالى ) لا تجعل مع الله إلهاً آخر ( الخطاب مع النبي ( ﷺ ) والمراد غيره وقيل معناه لا تجعل أيها الإنسان مع الله إلهاً آخر وهذا أولى ) فتقعد مذموماً ( أي من غير حمد ) مخذولاً ( أي بغير ناصر.
قوله سبحانه وتعالى :( وقضى ربك ( أي وأمر ربك.
قاله ابن عباس : وقيل معناه وأوجب ربك.
وقيل : معناه الحكم والجزم.
وقيل : ووصى ربك.
وحكي عن الضحاك أنه أنه قرأها ووصى ربك وقال : إنهم ألصقوا الواو بالصاد فصار قافاً وهي قراءة علي وابن مسعود.
قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير هذا القول بعيد جداً لأنه يفتح باب أن التحريف والتغيير قد تطرق إلى القرآن ولو جوزنا ذلك لارتفع الأمان على القرآن، وذلك يخرجه عن كونه حجة، ولا شك أنه طعن عظيم في الدين ) ألاَّ تعبدوا إلا إياه ( فيه وجوب عبادة الله، والمنع من عبادة غيره وهذا هو الحق لأن العبادة عبارة عن الفعل المشتمل على نهاية التعظيم، ونهاية التعظيم لا تليق إلا بمن له الإنعام والإفضال على عباده ولا منعم إلا الله، فكان هو المستحق للعبادة لا غيره ) وبالوالدين إحساناً ( أي وأمر بالوالدين إحساناً أي براً بهما وعطفاً عليهما وإحساناً إليهما ) إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما ( معناه أنهما يبلغان