صفحة رقم ١٥٧
أن يؤتوا حقهم من صلة الرحم والمودة، والزيارة وحسن المعاشرة والمؤالفة على السراء والضراء والمعاضدة ونحو ذلك وقيل إن كانوا محاويج، وهو موسر لزمه الإنفاق عليهم وهو مذهب أبي حنيفة.
وقال الشافعي رضي الله عنه : لا تلزم النفقة إلا لوالد على ولده أو ولد على والديه فحسب وقيل : أراد بالقرابة قرابة رسول الله ( ﷺ ) وتقدم الكلام على المسكين وابن السبيل ) ولا تبذر تبذيراً ( أي لاتنفق مالك في المعصية.
وقيل : لو أنفق الإنسان ماله كله في الحق لم يكن مبذراً ولو أنفق درهماً أو مداً في باطل كان مبذراً.
وسئل ابن مسعود عن التبذير فقال : إنفاق المال في غير حقه.
وقيل : هو إنفاق المال في العمارة على وجه السرف وقيل : إن بعضهم أنفق نفقة في خير فأكثر فقال له صاحبه لا خير في السرف فقال لا سرف في الخير ) إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ( يعني أولياءهم وأصدقاءهم لأنهم يطيعونهم فيما يأمرونهم به من الإسراف، وقيل : أمثالهم في الشر وهذا غاية المذمة لأنه أشر من الشياطين، والعرب تقول لكل من هو ملازم سنة قوم : هو أخوهم ) وكان الشيطان لربه كفوراً ( أي جحوداً للنعمة فما ينبغي أن يطاع لأنه يدعو إلى مثل عمله.
قوله عز وجل ) وإما تعرضن عنهم ( نزلت في مهجع وبلال وصهيب وسالم وخباب كانوا يسألون النبي ( ﷺ ) في الأحايين ما يحتاجون إليه، ولا يجد فيعرض عنهم حياء منهم ويمسك عن القول فنزلت هذه الآية.
والمعنى : وإن تعرض عن هؤلاء الذي أمرت أن تؤتيهم ) ابتغاء رحمة من ربك ترجوها ( أي انتظار رزق من الله ترجوه أن يأتيك ) فقل لهم قولاً ميسوراً ( أي ليناً جميلاً أي عدهم وعداً طيباً، تطيب به قلوبهم.
وقيل : هو أن يقول رزقنا الله وإياكم من فضله.
قوله سبحانه وتعالى ) ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ( قال جابر : أتى صبي فقال يا رسول الله إن أمي تستكسيك درعاً ولم يكن لرسول الله ( ﷺ ) إلا قميصه فقال للصبي : من ساعة إلى ساعة يظهر كذا فعد إلينا وقتاً آخر فعاد إلى أمه فقالت : قل له إن أمي تستكسيك الدرع الذي عليك، فدخل رسول الله ( ﷺ ) داره ونزع قميصه وأعطاه وقعد عرياناً فأذن بلال بالصلاة، وانتظره فلم يخرج فشغل قلوب أصحابه فدخل عليه بعضهم فرآه عرياناً فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية، ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك أي لا تمسك يدك عن النفقة في الحق والخير كالمغلولة يده لا يقدر على مدها ) ولا تبسطها ( أي بالعطاء ) كل البسط ( أي فتعطي جميع ما عندك.
وقيل : هذا تمثيل لمنع الشحيح، وإعطاء المسرف أمر بالاقتصاد الذي هو بين الإسراف والتقتير ) فتقعد ملوماً ( أي عند الله لأن المسرف غير مرضي عنده، وقيل ملوماً عند نفسك وأصحابك أيضاً يلومونك على تضييع المال بالكلية وقيل : يلومك سائلوك على الإمساك إذا لم تعطهم ) محسوراً ( أي منقطعاً لا شيء عندك تنفقه وقيل : محسوراً أي نادماً