صفحة رقم ١٦٤
يستحقرون مدة الدنيا في جنب القيامة.
قوله سبحانه وتعالى ) وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ( وذلك أن المشركين كانوا يؤذون المسلمين، فشكوا ذلك إلى رسول الله ( ﷺ ) فأنزل الله عز وجل.
وقل لعبادي يقولوا يعني للكفار التي هي أحسن، أي لا يكافئوهم على سفههم بل يقولون لهم يهديكم الله وكان هذا قبل الإذن في القتال والجهاد.
وقيل : نزلت في عمر بن الخطاب وذلك أنه شتمه بعض الكفار، فأمره الله بالعفو.
وقيل : أمر الله المؤمنين أن يقولوا ويفعلوا الخلة التي هي أحسن وقيل الأحسن كلمة الإخلاص لا إله إلا الله ) إن الشيطان ينزغ بينهم ( أي يفسد ويلقي العداوة بينهم ) إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً ( أي ظاهر العداوة.
قوله عز وجل : ربكم أعلم بكم ) إن شاء يرحمكم ( أي يوفقكم للإيمان فتؤمنوا ) أو إن يشأ يعذبكم ( أي يميتكم على الشرك فتعذبوا، وقيل معناه إن يشأ يرحمكم فينجيكم من أهل مكة، وإن يشأ يعذبكم أي يسلطهم عليكم ) وما أرسلناك عليهم وكيلاً ( أي حفيظاً وكفيلاً قيل : نسختها آية القتال ) وربك أعلم بمن في السموات والأرض ( يعني أن علمه غير مقصور عليكم بل علمه متعلق بجميع الموجودات والمعدومات ومتعلق بجميع ذات الأرضين والسموات، ويعلم حال كل أحد ويعلم ما يليق به من المصالح والمفاسد وقيل : معناه أنه عالم بأحوالهم واختلاف صورهم وأخلاقهم ومللهم وأديانهم ) ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض ( وذلك أنه اتخذ إبراهيم خليلاً وكلم موسى تكليماً، وقال لعيسى : كن فكان وآتى سليمان ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده وآتى داود زبوراً وذلك قوله تعالى ) وآتينا داود زبوراً ( وهو كتاب أنزله الله على داود يشتمل على مائة وخمسون سورة، كلها دعاء وثناء على الله تعالى وتحميد وتمجيد ليس فيه حلال ولا حرام ولا فرائض ولا حدود ولا أحكام.
فإن قلت : لم خص داود في هذه الآية بالذكر دون غيره من الأنبياء ؟ قلت : فيه وجوه : أحدها أن الله ذكر أنه فضل بعض النبيين على بعض ثم قال تعالى : وآتينا داود زبوراً وذلك أن داود أعطي من النبوة الملك، فلم يذكره بالملك وذكر ما آتاه من الكتاب تنبيهاً على أن الفضل المذكور في هذه الآية المراد به العلم لا الملك والمال.
الوجه الثاني : أن الله سبحانه وتعالى كتب له في الزبور أن محمداً خاتم الأنبياء، وأن أمته خير الأمم فلهذا خصه بالذكر.
الوجه الثالث : أن اليهود زعمت أن لا نبي بعد موسى، ولا كتاب بعد التوراة فكذبهم الله بقوله : وآتينا داود زبوراً ومعنى الآية أنكم لن تنكروا تفضيل النبيين، فكيف تنكرون تفضيل النبي صلى الله عليه سلم وإعطاءه القرآن وأن الله آتى موسى التوراة، وداود الزبور وعيسى الأنجيل فلم يبعد أن يفضل محمد ( ﷺ ) على جميع الخلائق ) ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ( وهذا خطاب مع من يقر بتفضيل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
قوله عز وجل ) قل ادعوا الذين زعمتم من دونه ( وذلك