صفحة رقم ١٦٥
أن الكفار أصابهم قحط شديد حتى أكلوا الكلاب والجيف، فاستغاثوا بالنبي ( ﷺ ) ليدعو لهم فقال الله عز وجل : قل ادعوا الذين زعمتم أنهم آلهة من دونه ) فلا يملكون كشف الضر عنكم ( أي الجوع والقحط ) ولا تحويلاً ( أي إلى غيركم أو تحويل الحال من العسر إلى اليسر، ومقصود الآية الرد على المشركين، حيث قالوا ليس لنا أهلية أن نشتغل بعبادة الله فنحن المقربين إليه، وهم الملائكة.
ثم إنهم اتخذوا لذلك الملك الذي عبدوه تمثالاً وصورة وقد اشتغلوا بعبادته فاحتج على بطلان قولهم بهذه الآية وبين عجز آلهتهم ثم قال تعالى ) أولئك الذين يدعون ( أي الذين يدعون المشركون آلهة ) يبتغون إلى ربهم الوسيلة ( أي القربة والدرجة العليا.
قال ابن عباس : هم عيسى وأمه وعزير والملائكة والشمس والقمر والنجوم.
وقال عبد الله بن مسعود : نزلت هذه الآية في نفر من العرب كانوا يعبدون نفراً من الجن فأسلم أولئك الجن، ولم يعلم الإنس بذلك فتمسكوا بعبادتهم فعيرهم الله وأنزل هذه الآية.
قوله تعالى ) أيهم أقرب ( معناه، ينظرون أيهم أقرب إلى الله فيتوسلون به، وقيل : أيهم أقرب يبتغي الوسيلة إلى الله، ويتقرب إليه بالعمل الصالح وازدياد الخير والطاعة ) ويرجون رحمته ( أي جنته ) ويخافون عذابه ( وقيل : معناه يرجون ويخافون كغيرهم من عباد الله فكيف يزعمون أنهم آلهة ) إن عذاب ربك كان محذوراً ( أي حقيقاً بأن يحذره كل أحد من ملك مقرب، ونبي مرسل فضلاً عن غيرهم من الخلائق.
الإسراء :( ٥٨ - ٦٤ ) وإن من قرية...
" وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا " ( قوله سحانه وتعالى :( وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة ( أي بالموت والخراب ) أو معذبوها عذاباً شديداً ( أي بالقتل وأنواع العذاب إذا كفروا وعصوا، وقيل : الإهلاك في حق المؤمنين الإماتة وفي حق الكفار العذاب قال عبد الله بن مسعود : إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله في هلاكها ) كان ذلك في الكتاب ( أي في اللوح المحفوظ ) مسطوراً ( أي مكتوباً مثبتاً.
عن عبادة بن الصامت قال : سمعت رسول الله ( ﷺ ) يقول ( إن أو ما خلق الله القلم فقال له : اكتب فقال : ما أكتب : قال : القدر وما هو كائن إلى يوم القيامة إلى الأبد ) أخرجه الترمذي.
قوله سبحانه وتعالى ) وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون ( قال ابن عباس ( سأل أهل مكة رسول الله ( ﷺ ) أن يجعل لهم الصفا ذهباً وفضة وأن ينحي الجبال عنهم ليزرعوا فأوحى الله إلى رسول الله ( ﷺ ) إن شئت أن أستأني بهم فعلت وإن شئت أن أوتيهم ما سألوا فعلت، فإن لم يؤمنوا أهلكتهم كما أهلكت من كان قبلهم فقال النبي ( ﷺ ) لا بل تستأني بهم ) فأنزل الله عز وجل ) وما منعنا أن نرسل الآيات ( أي التي سألها الكفار قومك ) إلا أن كذب بها الأولون ( أي فأهلكناهم فإن لم يؤمن قومك بعد إرسال الآيات أهلكناهم، لأن من سنتنا في الأمم إذا سألوا الآيات ثم لم يؤمنوا بعد إتيانها أن نهلكهم ولا نمهلهم وقد حكمنا بإمهال هذه الأمة إلى يوم القيامة، ثم ذكر من تلك الآيات التي اقترحها الأولون ثم كذبوا بها