صفحة رقم ١٦٦
لما أرسلت فأهلكوا فقال تعالى ) وآتينا ثمود الناقة مبصرة ( أي بينة، وذلك لأن آثار إهلاكهم في بلاد العرب قريبة من حدودهم يبصرها صادرهم وواردهم ) فظلموا بها ( أي جحدوا أنها من عند الله.
وقيل : فظلموا أنفسهم بتكذيبها فعاجلناهم بالعقوبة ) وما نرسل بالآيات ( المقترحة ) إلا تخويفاً ( أي وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً من العذاب، فإن لم يخافوا وقع عليهم.
وقيل : معناه وما نرسل بالآيات يعني العبر والدلالات، إلا تخويفاً إي إنذاراً بعذاب الآخرة إن لم يؤمنوا فإن الله سبحانه وتعالى يخوف الناس بما شاء من آياته لعلهم يرجعون.
قوله عز وجل ) وإذ قلنا لك ( أي واذكر يا محمد إذ قلنا لك ) إن ربك أحاط بالناس ( أي إن قدرته محيطة بهم فهم في قبضته وقدرته لا يقدرون على الخروج من مشيئته وإذا كان الأمر كذلك فهم لا يقدرون على أمر من الأمور إلا بقضائه وقدره وهو حافظك ومانعك منهم، فلا تهبهم وامض لما أمرك من التبليغ للرسالة، فهو ينصرك ويقويك على ذلك ) وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ( الأكثرون من المفسرين على أن المراد ما رأى النبي ( ﷺ ) ليلة المعراج من العجائب والآيات.
قال ابن عباس : هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه سلم ليلة المعراج وهي ليلة أسري به إلى بيت المقدس أخرجه البخاري.
وهو قول سعيد بن جبير والحسن ومسروق وقتادة ومجاهد وعكرمة وابن جريج وغيرهم.
والعرب تقول : رأيت بعيني رؤية ورؤيا فلما ذكرها رسول الله ( ﷺ ) للناس أنكر بعضهم ذلك وكذبوا فكانت فتنة للناس، وازداد المخلصون إيماناً.
وقال قوم : أسري بروحه دون جسده وهو ضعيف.
وقال قوم كان له معراجان : معراج رؤية عين في اليقظة ومعراج رؤيا منام.
وقيل : أراد بهذه الرؤيا ما رأى رسول الله ( ﷺ ) عام الحديبية، أنه دخل مكة هو وأصحابه فعجل المسير إلى مكة قبل الأجل، فصده المشركون فرجع إلى المدينة فكان رجوعه في ذلك العام بعدما أخبر أنه يدخلها فتنة لبعضهم، ثم دخل مكة في العام المقبل وأنزل الله عز وجل لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق، وقيل : إن النبي ( ﷺ ) رأى في المنام أن ولد الحكم بن أمية يتداولون منبره كما يتداول الصبيان الكرة فساءه ذلك.
فإن اعترض معترض على هذا التفسير وقال السورة مكية وهاتان الواقعتان كانتا بالمدينة أجيب بأنه لا إشكال فيه فإنه لا يبعد أن النبي ( ﷺ ) رأى ذلك بمكة، ثم كان ذلك حقيقة بالمدينة ) والشجرة الملعونة في القرآن (