صفحة رقم ١٧٠
نفعل ما نفعل بكم ثم لا تجدون لكم أحداً يطالبنا بما فعلنا انتصاراً لكم ودركاً للثأر من جهتنا.
وقيل : معناه من يتبعنا بالإنكار علينا.
الإسراء :( ٧٠ - ٧١ ) ولقد كرمنا بني...
" ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم ولا يظلمون فتيلا " ( قوله تعالى :( ولقد كرمنا بني آدم ( قال ابن عباس : هو أنهم يأكلون بالأيدي وغير الآدمي يأكل بفيه من الأرض وقال أيضاً بالعقل وقيل بالنطق والتمييز والخط والفهم، وقيل باعتدال القامة وامتدادها وقيل بحسن الصورة وقيل : الرجل باللحى والنساء بالذوائب.
وقيل : بتسليطهم على جميع ما في الأرض وتسخيره لهم وقيل : بحسن تدبيرهم أمر المعاش والمعاد.
وقيل بأن منهم خير أمة أخرجت للناس ) وحملناهم في البر ( أي على الإبل والخيل والحمير ) والبحر ( أي وحملناهم في البحر على السفن، وهذا من مؤكدات التكريم لأن الله تعالى سخر لهم هذه الأشياء لينتفعوا بها، ويستعينوا بها على مصالحهم ) وزرقناهم من الطيبات ( يعني لذيذ المطاعم والمشارب وقيل الزبد والتمر والحلواء، وجعل رزق غيرهم مما لا يخفى، وقيل : إن جميع الأغذية إما نباتية وإما حيوانية ولا يتغذى الإنسان إلا بأطيب القسمين بعد الطبخ الكامل والنضج التام ولا يحصل هذا لغير الإنسان ) وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً ( واعلم أن الله تعالى قال في أول الآية : ولقد كرمنا بني آدم وفي آخرها وفضلناهم، ولا بد من الفرق بين التكريم والتفضيل والإلزام التكرار والأقرب أن يقال : إن الله تعالى كرم الإنسان على سائر الحيوان بأمور خلقية ذاتية طبيعية، مثل العقل والنطق والخط وحسن الصورة، ثم إنه سبحانه وتعالى عرفه بواسطة ذلك العقل والفهم اكتساب العقائد الصحيحة والأخلاق الفاضلة، فالأول هو التكريم والثاني هو التفضيل.
ثم قال سبحانه وتعالى : على كثير ممن خلقنا تفضيلاً.
ظاهر الآية يدل على أنه فضل بني آدم على كثير ممن خلق لا على الكل فقال : قوم فضلوا على جميع الخلق إلا على الملائكة وهذا مذهب المعتزلة.
وقال الكلبي : فضلوا على الخلائق كلهم إلا على طائفة من الملائكة مثل جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزائيل وأشباههم.
وقيل : فضلوا على جميع الخلائق وعلى الملائكة كلهم.
فإن قلت : كيف تصنع بكثير ؟ قلت : يوضع الأكثر موضع الكل كقوله تعالى ) يلقون السمع وأكثرهم كاذبون ( " أراد كلهم وفي الحديث عن جابر يرفعه قال :( لما خلق الله آدم وذريته قالت الملائكة يا رب خلقتهم يأكلون ويشربون وينكحون فاجعل لهم الدنيا، ولنا الآخرة فقال : لا أجعل من خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له كن فكان ) وقيل بالتفضيل وهو الأولى والراجح أن خواص بني آدم وهم الأنبياء أفضل من خواص الملائكة، وعوام الملائكة أفضل من عوام البشر من بني آدم، وهذا التفضيل إنما هو بين الملائكة والمؤمنين من بني آدم لأن الكفار لا حرمة لهم قال الله سبحانه وتعالى ) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ( " وعن أبي هريرة رضي


الصفحة التالية
Icon