صفحة رقم ١٧٢
العرب أعطيتهم ما لم تعطنا فقل الله أمرني بذلك فسكت النبي ( ﷺ ) فطمع القوم في سكوته أن يعطيهم ذلك فأنزل الله تعالى وإن كادوا أي هموا ليفتنونك أي ليصرفونك عن الذي أوحينا إليك ) لتفتري ( أي لتختلق وتبتعث ) علينا غيره ( ما لم تقله ) وإذاً ( أي لو فعلت ما دعوك إليه ) لاتخذوك خليلاً ( أي والوك ووافوك وصافوك ) ولولا أن ثبتناك ( أي على الحق بعصمتنا إياك ) لقد كدت تركن ( أي تميل ) إليهم شيئاً قليلاً ( أي قربت من الفعل.
فإن قلت كان النبي ( ﷺ ) معصوماً فكيف يجوز أن يقرب مما طلبوه.
قلت : كان ذلك خاطر قلب ولم يكن عزماً وقد عفا الله تعالى عن حديث النفس وكان النبي ( ﷺ ) يقول بعد ذلك ( اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) والجواب الصحيح هو أن الله سبحانه وتعالى قال ولولا أن ثبتناك وقد ثبته الله فلم يركن إليهم ) إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ( أي لو فعلت لأذقناك عذاب الحياة وضعف عذاب الممات يعني ضعفنا لك العذاب في الدنيا والآخرة ) ثم لا تجد لك علينا نصيراً ( أي ناصراً يمنعك من عذابنا.
قوله سبحانه وتعالى ) وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها ( قيل : هذه الآية مدنية وذلك أن النبي ( ﷺ ) لما قدم المدينة كره اليهود مقامه بالمدينة، وذلك حسداً فأتوه فقالوا : يا أبا القاسم لقد علمت ما هذه بأرض الأنبياء، وإن أرض الأنبياء الشام، وهي الأرض المقدسة وكان بها إبراهيم والأنبياء عليهم السلام، فإن كنت نبياً مثلهم فأت الشام، وإنما يمنعك من الخروج إليها مخافة الروم، وإن الله سيمنعك من الروم إن كنت رسوله فعسكر النبي ( ﷺ ) على ثلاثة أميال من المدينة وفي رواية إلى ذي الحليفة حتى يجتمع إليه أصحابه، فيخرج فأنزل الله هذه الآية فالأرض هنا أرض المدينة، وقيل الأرض أرض مكة والآية مكية والمعنى : همّ المشركون أن يخرجوه منها فكفهم الله عنه حتى أمره بالخروج للهجرة فخرج بنفسه


الصفحة التالية
Icon