صفحة رقم ١٧٣
وهذا أليق بالآية لأن ما قبلها خبر عن أهل مكة والسورة مكية.
وقيل : همّ المشركون كلهم وأرادوا أن يستفزوه من أرض العرب باجتماعهم وتظاهرهم عليه فمنع الله رسوله ولم ينالوا منه ما أملوه والاستفزاز الازعاج ) وإذاً لا يلبثون خلافك إلا قليلاً ( إي لا يبقون بعد إخراجك إلا زماناً قليلاً حتى يهلكوا.
الإسراء :( ٧٧ - ٧٩ ) سنة من قد...
" سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا " ( قوله سبحانه وتعالى :( سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ( يعني أن كل قوم أخرجوا رسولهم من بين أظهرهم فسنة الله أن يهلكهم وأن لا يعذبهم مادام نبيهم بينهم فإذا خرج من بين أظهرهم عذبهم ) ولا تجد لسنتنا تحويلاً ( أي تبديلاً.
قوله سبحانه وتعالى ) أقم الصلاة لدلوك الشمس ( وروي عن ابن معسود أنه قال الدلوك الغروب وهو قول النخعي ومقاتل والضحاك والسدي.
قال ابن عباس وابن عمر وجابر : هو زوال الشمس.
وهو قول عطاء وقتادة ومجاهد والحسن وأكثر التابعين.
ومعنى اللفظ : يجمعهما، لأن أصل الدلوك الميل والشمس : تميل إذا زالت وإذا غربت والحمل على الزوال أولى القولين : لكثرة القائلين به وإذا حملناه عليه كانت الآية جامعة لمواقيت الصلاة كلها فدلوك الشمس يتناول صلاة الظهر والعصر ) إلى غسق الليل ( أي ظهور ظلمته وقال ابن عباس : بدو الليل وهذا بتناول المغرب والعشاء ) وقرآن الفجر ( يعني صلاة الفجر سمى الصلاة قرآنا لأنها لا تجوز إلا بالقرآن ) إن قرآن الفجر كان مشهوداً ( أي يشهده ملائكة الليل وملائكة النهار
( خ ).
عن أبي هريرة قال :( سمعت رسول الله ( ﷺ ) يقول تفضل صلاة الجمع صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين جزءاً وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر ) ثم يقول أبو هريرة : اقرؤوا إن شئتم إن قرآن الفجر كان مشهوداً.
قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره : هذا دليل قاطع قوي على أن التغليس أفضل من التنوير لأن الإنسان، إذا شرع فيها من أول الصبح ففي ذلك الوقت الظلمة باقية فتكون ملائكة الليل حاضرين، ثم إذا امتدت الصلاة بسبب ترتيل القرآن وتكثيرها زالت الظلمة وظهر الضوء، وحضرت ملائكة النهار أما إذا ابتدأ بهذه الصلاة في وقت الإسفار فهناك لم يبق أحد من ملائكة الليل، فلا يحصل المعنى المذكور