صفحة رقم ٢٤٦
) ما كان لله أن يتخذ ولد ( أي ما كان من صفاته اتخاذ الولد لا ينبغي له ذلك ) سبحانه إذا قضى أمراً ( أي إذا أراد أن يحدث أمراً ) فإنما يقول له كن فيكون ( أي لا يتعذر عليه اتخاذه على الوجه الذي أراده ) وإن الله ربي وربكم فاعبدوه ( هذا إخبار عن عيسى أنه قال ذلك يعني لأن الله ربي وربكم لا رب للمخلوقات سواه ) هذا صراط مستقيم ( أي هذا الذي أخبرتكم به أن الله أمرني به هو الصراط المستقيم الذي يؤدي إلى الجنة ) فاختلف الأحزاب من بينهم ( يعني النصارى سموا أحزاباً لأنهم تحزبوا ثلاث فرق في أمر عيسى النسطورية والملكانية واليعقوبية ) فويل للذين كفروا من مشهد يوم عيظم ( يعني يوم القيامة حين.
مريم :( ٣٨ - ٤٦ ) أسمع بهم وأبصر...
" أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا " ( ) أسمع بهم وأبصر ( أي ما أسمعهم وأبصرهم يوم القيامة حين لا ينفعهم السمع والبصر أخبر أنهم يسمعون ويبصرون في الآخرة ما لم يسمعوا ويبصروا في الدنيا، وقيل معناه التهديد بما يسمعون ويبصرون مما يسوءهم ويصدع ويصدع قلوبهم ) يوم يأتوننا ( أي يوم القيامة ) لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين ( قيل أراد باليوم الدنيا، يعني أنهم في الدنيا في خطأ بين وفي الآخرة يعرفون الحق، وقيل : معناه لكن الظالمون في الآخرة في ضلال عن طريق الجنة بخلاف المؤمنين.
قوله تعالى ) وأنذرهم يوم الحسرة ( يعني خوف يا محمد كفار مكة يوم الحسرة، سمي بذلك لأن المسيء يتحسر هلا أحسن العمل والمحسن هلا زاد في الإحسان، يدل عليه ما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ( ﷺ ) قال ( ما من أحد يموت إلا ندم قالوا ما ندمه يا رسول الله قال : إن كان محسناً ندم أن لا يكون ازداد وإن كان مسيئاً ندم أن لا يكون نزع ) أخرجه الترمذي.
قوله أن لا يكون نزع النزع عن الشيء : الكف عنه، وقال أكثر المفسرين يعني بيوم الحسرة حين يذبح الموت.
( ق ) عن أبي سعيد الخدري قال قال : رسول الله ( ﷺ ) ( يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي مناد يا أهل الجنة فيشرفون وينظرون فيقول هل تعرفون هذا فيقولون نعم هذا الموت وكلهم قد رآه، ثم ينادي مناد آخر يا أهل النار فيشرفون وينظرون، فيقول هل تعرفون هذا فيقولون نعم هذا الموت وكلهم قد رآه فيذبح بين الجنة والنار، ثم يقول يا أهل الجنة خلود بلا موت ويا أهل النار خلود بلا موت ) ثمر قرأ.
) وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون ( وأشار بيده إلى الدنيا وزاد الترمذي فيه ( فلو أن أحداً مات فرحاً لمات أهل الجنة ولو أن أحداً مات حزناً لمات أهل النار ) قوله كهيئة كبش أملح والأملح : المختلط بالبياض والسواد، قوله فيشرفون يقال إلى الشيء إذا تطلع ينظر إليه ومالت نحوه نفسه.
قوله فيذبح بين الجنة والنار اعلم أن الموت عرض ليس بجسم في صورة كبش أو غيره فعلى هذا يتأول الحديث، على أن الله تعالى يخلق هذا الجسم وهو حيوان فيذبح فيموت فلا يبقى يرجى له حياة ولا وجود، وكذلك حال أهل الجنة والنار بعد الاستقرار فيهما لا زوال لهما ولا انتقال
( ق ) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار، جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار فيذبح ثم ينادي مناد يا أهل الجنة لا موت ويا أهل النار لا موت فيزداد أهل الجنة فرحاً إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزناً إلى حزنهم ) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( لا يدخل الجنة أحد إلا رأى مقعده من النار لو أساء ليزداد شكراً ولا يدخل النار أحد إلا رأى مقعده من الجنة لو أحسن ليكون عليه حسرة ) أخرجه البخاري.
وقوله تعالى ) إذا قضي الأمر ( أي فرغ من الحساب وأدخل