صفحة رقم ٢٦٩
) فاقذفيه في اليم ( يعني نهر النيل ) فليلقه اليم بالساحل ( يعني شاطىء البحر ) يأخذه عدو لي وعدو له ( يعني فرعون.
فأخذت تابوتاً وجعلت فيه قطناً ووضعت فيه موسى، وقيرت رأسه وشقوقه ثم ألقته في النيل.
وكان يشرع منه نهر كبير في دار فرعون.
فبينما فرعون جالس على البركة مع امرأته آسية، إذ هو بتابوت يجيء به الماء فأمر الغلمان والجواري بإخراجه، فأخرجوه وفتحوا رأسه فإذا بصبي من أصبح الناس وجهاً، فلما رآه فرعون أحبه بحيث لم يتمالك نفسه وعقله فذلك قوله تعالى ) وألقيت عليك محبة مني ( قال ابن عباس : أحبه وحببه إلى خلقه، قيل ما رآه أحد إلا أحبه لملاحة كانت في عيني موسى ) ولتصنع على عيني ( لتربى ويحسن إليك وأنا مراعيك مراقبك كما يراعي الرجل الشيء بعينه إذا اعتنى به ونظر إليه ) إذ تمشي أختك ( واسمها مريم متعرفة خبره ) فتقول هل أدلكم على من يكفله ( أي على امرأة ترضعه وتضمه إليها، وذلك أنه كان لا يقبل ثدي امرأة فلما قالت لهم أخته ذلك قالوا نعم.
فجاءت بالأم فقبل ثديها فذلك قوله تعالى ) فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ( أي بلقائك ورؤيتك ) ولا تحزن ( أي وليذهب عنها الحزن ) وقتلت نفساً (.
قال ابن عباس : كان قتل قبطياً كافراً قيل كان عمره إذ ذاك اثنتي عشر سنة ) فنجيناك من الغم ( أي من غم القتل وكربه ) وفتناك فتوناً ( قال ابن عباس : اختبرناك اختباراً وقيل ابتليناك ابتلاء، قال ابن عباس : الفتون وقوعه في محنة بعد محنة وخلصه الله تعالى، منها أولها أن أمه حملته في السنة التي كان فرعون يذبح فيها الأطفال، ثم إلقاؤه في البحر في التابوت، ثم منعه من الرضاع إلا من ثدي أمه، ثم أخذه بلحية فرعون حتى هم قتله، ثم ناوله الجمرة بدل الجوهرة، ثم قتله القبطي وخروجه إلى مدين خائفاً ) فلبثت ( أي مكثت ) سنين في أهل مدين ( هي بلدة شعيب على ثمان مراحل من مصر، هرب إليها موسى قال وهب : لبث موسى عند شعيب.
ثمانياً وعشرين سنة عشر سنين منها يرعى الغنم مهر زوجته صفوراء ابنة شعيب وثمان عشرة سنة أقام عنده بعد ذلك حتى ولد له وخرج من مصر ابن اثنتي عشرة سنة هارباً ) ثم جئت على قدر يا موسى ( أي جئت على القدر الذي قدرت أن تجيء فيه.
قيل على رأس أربعين


الصفحة التالية
Icon