صفحة رقم ٢٧٩
فقبضت قبضة من أثر الرسول ( يعني من تراب حافر فرس جبريل ) فنبذتها ( يعني فقذفتها في فم العجل فخار.
فإن قلت كيف عرف السامري جبريل ورآه من بين سائر النار.
قلت ذكروا فيه وجهين.
أحدهما : أن أمه ولدته في السنة التي كان يقتل فيها البنون فوضعته في كهف حذراً عليه من القتل فبعث الله إليه جبريل ليربيه لما قضى الله على يديه من الفتنة.
الوجه الثاني : أنه لما نزل جبريل إلى موسى ليذهب به إلى الطور رآه السامري من بين سائر الناس، فلما رآه قال إن لهذا لشأناً فقبض القبضة من أصل تربة أثر موطئه، فلما سأله موسى قال قبضت قبضة من أثر الرسول إليك يوم جاء للميعاد.
وقيل رآه يوم فلق البحر فأخذ القبضة وجعلها في عمامته لما يريد الله أن يظهره من الفتنة على يديه وهو قوله ) وكذلك سولت ( يعني زينت ) لي نفسي ( وقيل إنه من السؤال والمعنى أنه لم يدعني إلى فعله غيري واتبعت فيه هواي.
طه :( ٩٧ - ١٠٨ ) قال فاذهب فإن...
" قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا " ( ) قال ( يعني موسى للسامري ) فاذهب فإن لك في الحياة ( يعني ما دمت حياً ) أن تقول لا مساس ( يعني لا تخالط أحداً ولا يخالطك أحد فعوقب في الدنيا بعقوبة لا شيء أوحش منها ولا أعظم وذلك أن موسى أمر بني إسرائيل أن لا يخالطوه ولا يقربوه وحرم عليهم ملاقاته ومكالمته ومبايعته ومواجهته.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : لا مساس لك ولولدك.
فصار السامري يهيم في البرية مع الوحش والسباع لا يمس أحد وقيل كان إذا مس أحداً.
أو مسه أحد حما جمعياً فتحامى الناس وتحاموه وكان لا مساس حتى أن بقاياهم اليوم يقولون ذلك ) وإن لك ( يا سامري ) موعداً ( يعني بعذابك في الآخرة ) لن تخلفه ( قرىء بكسر اللام ومعناه لن تغيب عنه ولا مذهب لك عنه بل توافيه يوم القيامة، وقرىء بالفتح أي لن تكذبه ولم يخلفكه الله بل يكافئك على فعلك ) وانظر لننسفنه ( أي لنذرينه ) في اليم ( يعني في البحر ) نسفاً ( روي أن موسى أخذ العجل فذبحه فسال منه دم وحرقه في النار ثم ذراه في البحر وقيل معناه لنحرقنه أي لنبردنه فعلى هذا التأويل لم ينقلب لحماً ودماً فإن ذلك لا يمكن أن يبرد بالمبرد ويمكن أن يقال صار لحماً ودماً ثم بردت عظامه بالمبرد حتى صارت بحيث يمكن نسفها في البحر فلما فرغ موسى من أمر العجل وابطال ما ذهب إليه السامري رجع إلى بيان الدين الحق فقال مخاطباً لبني إسرائيل ) إنما إلهكم الله ( يعني المستحق للعبادة والتعظيم هو الله ) الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علماً ( يعني وسع علمه كل شيء وقيل يعلم من يعبده.
قوله عز


الصفحة التالية
Icon