صفحة رقم ٢٩٠
نفسه.
قوله عز وجل :( لقد أنزلنا إليكم ( يعني يا معشر قريش ) كتاباً فيه ذكركم ( يعني شرفكم وفخركم وهو شرف لمن آمن به، وقيل معناه فيه حديثكم، وقيل فيه ذكر ما تحتاجون إليه من أمر دينكم وقيل فيه تذكرة لكم لتحذروا فيكون الذكر بمعنى الوعد والوعيد ) أفلا تعقلون ( فيه بعث على التدبر لأن الخوف من لوازم العقل.
الأنبياء :( ١١ - ٢٣ ) وكم قصمنا من...
" وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون لا يسأل عما يفعل وهم يسألون " ( قوله تعالى :( وكم قصمنا ( يعني أهلكنا ) من قرية كانت ظالمة ( يعني كافرة والمراد أهل القرية ) وأنشأنا بعدها ( أي أحدثنا بعد هلاك أهلها ) قوماً آخرين فلما أحسوا بأسنا ( أي عذابنا بحاسة البصر ) إذا هم منها يركضون ( يعني يسرعون هاربين من قريتهم لما رأوا مقدمة العذاب ) لا تركضوا ( يعني قيل لهم لا تهربوا ) وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ( يني تنعمتم فيه من العيش ) ومساكنكم لعلكم تسألون ( قال ابن عباس عن قتل نبيكم، قيل نزلت هذه الآية في أهل حضرموت قرية باليمن، وكان أهلها عرباً فبعث الله إليهم نبياً يدعوهم إلى الله فكذبوه وقتلوه، فسلط الله عليهم بختنصر فقتلهم وسباهم، فلما استمر فيهم القتل هربوا فقالت الملائكة لهم استهزاء لا تركضوا، أي لا تهربوا وارجعوا إلى مساكنكم وأموالكم لعلكم تسألون شيئاً من دنياكم فتعطون من شئتم وتمنعون من شئتم، فإنكم أهل ثروة ونعمة فأتبعهم بختنصر وأخذتهم السيوف، ونادى مناد من جو السماء يا لثارات الأنبياء فلما رأوا ذلك، أقروا بالذنوب حين لم ينفعهم ) قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين ( يعني لأنفسنا حين كذبنا الرسل وذلك أنهم اعترفوا بالذنب حين عاينوا العذاب، وقالوا ذلك على سبيل الندامة ولم ينفعهم الندم ) فما زالت تلك دعواهم ( يعني تلك الكلمة هو قولهم يا ويلنا ) حتى جعلناهم حصيداً ( يعني بالسيوف كما يحصد الزرع ) خامدين ( يعني ميتين.
قوله عز وجل :( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين ( معناه ما سوينا هذا السقف المرفوع وهذا المهاد الموضوع وما بينهما من العجائب للعب واللهو، سويناهما لفوائد منها التفكر في خلقهما وما فيهما من العجائب والمنافع التي لا تعد ولا تحصى ) لو أردنا أن نتخذ لهواً ( قال ابن عباس : اللهو المرأة وعنه أنه الولد ) لاتخذناه من لدنا ( يعني من عندنا من الحور العين لا من عندكم من أهل الأرض، وقيل معناه لو كان ذلك جائزاً في حقنا لم نتخذه بحيث يظهر لكم بل نستر، ذلك حتى لا تتطلعوا عليه، وذلك أن النصارى لما قالوا، في المسيح وأمه ما قالوا رد الله عليهم بقوله لاتخذناه