صفحة رقم ٢٩٣
لا يتكلمون إلا بما يأمرهم به ) وهم بأمره يعملون ( المعنى أنهم لا يخالفونه قولاً ولا عملاً ) يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ( أي ما عملوا وما هم عاملون وقيل ما كان قبل خلقهم وما يكون بعد خلقهم ) ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ( قال ابن عباس إلا لمن قال لا إله إلا الله وقيل إلا لمن رضى الله تعالى عنه ) وهم من خشيته مشفقون ( أي خائفون وجلون لا يأمنون مكره ) ومن يقل منهم إني إله من دونه ( قيل عنى به إبليس حيث دعا إلى عبادة نفسه فإن أحداً من الملائكة لم يقل إني إله من دون الله ) فذلك نجزيه جنهم كذلك نجزي الظالمين ( أي الواضعين الإلهية والعبادة في غير موضعها.
قوله عزّ وجلّ ) أولم ير الذين كفروا ( أي ألم يعلم الذين كفروا ) أن السموات والأرض كانتا رتقاً ( قال ابن عباس كانتا شيئاً واحداً ملتزقتين ) ففتقناهما ( أي فصلنا بينهما بالهواء.
قال كعب : خلق الله السموات والأرض بعضها على بعض، ثم خلق ريحاً بوسطهما ففتحهما بها، وقيل كانت السموات مرتتقة طبقة واحدة، ففتقها وجعلها سبع سموات وكذلك الأرض، وقيل كانت السماء رتقاً لا تمطر، والأرض رتقاً لا تنبت، ففتق السماء بالمطر والأرض بالنبات ) وجعلنا من الماء كل شيء حي ( أي وأحيينا بالماء الذي ينزل من السماء كل شيء، من الحيوان ويدخل فيه النبات والشجر، وذلك لأنه سبب لحياة كل شيء، وقال المفسرون : معناه أن كل شيء حي فهو مخلوق من الماء وقيل يعني النطفة.
فإن قلت قد خلق الله بعض ما هو حي من غير الماء كآدم وعيسى والملائكة والجان.
قلت خرج هذا الأمر مخرج الأغلب والأكثر يعني أن أكثر ما على وجه الأرض مخلوق من الماء أو بقاؤه بالماء ) أفلا يؤمنون ( أي أفلا يصدقون ) وجعلنا في الأرض رواسي ( أي جبالاً ثوابت ) أن تميد بهم ( أي لئلا تميد بهم، قيل إن الأرض بسطت على الماء فكانت تتحرك كما تتحرك السفينة في الماء فأرساها الله فأثبتها بالجبال ) وجعلنا فيها ( أي في الرواسي ) فجاجاً ( أي طرقاً ومسالك والفج الطريق الواسع بين جبلين ) سبلاً ( وهو تفسير الفجاج ) لعلهم يهتدون ( أي إلى مقاصدهم ) وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً ( أي من أن يسقط ويقع وقيل محفوظاً من الشياطين بالشهب ) وهم ( يعني الكفار ) عن آياتها معرضون (