صفحة رقم ٢٩٥
وأورث بنيه العجلة وقيل معناه خلق الإنسان من تعجيل في خلق الله إياه، لأن خلقه كان بعد كل شيء في آخر النهار يوم الجمعة، فأسرع في خلقه قبل مغيب الشمس فلما أحيا الروح رأسه قال يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس، وقيل خلق بسرعة وتعجيل على غير قياس خلق بنيه لأنهم خلقوا من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة أطواراً أطواراً طوراً بعد طور وقيل خلق الإنسان من عجل أي من طين قال الشاعر :
٨٩ ( والنخل ينبت بين الماء والعجل ) ٨٩
أي بين الماء والطين.
وقيل أراد بالإنسان النوع الإنساني يدل عليه قوله ) سأريكم آياتي فلا تستعجلون ( وذلك أن المشركين كانوا يستعجلون العذاب، وقيل نزلت في النظر بن الحرث، ومعنى سأريكم آياتي أي مواعيدي فلا تطلبوا العذاب قبل وقته فأراهم يوم بدر، وقيل كانوا يستعجلون القيامة فلذلك قال تعالى ) ويقولون ( يعني المشركين ) متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ( وهذا هو الاستعجال المذموم المذكور على سبيل الاستهزاء فبين تعالى أنهم إنما يقولون ذلك لجهلهم وغفلتهم، بين ما لهؤلاء المستهزئين فقال تعالى :( لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون ( يعني لا يدفعون ) عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ( قيل السياط ) ولا هم ينصرون ( أي لا يمنعون من العذاب والمعنى لو علموا لما أقاموا على كفرهم ولما استعجلوا بالعذاب ولما قالوا متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) بل تأتيهم ( يعني الساعة ) بغتة ( أي فجأة ) فتبهتهم ( أي تحيرهم ) فلا يستطيعون ردها ( اي صرفها ودفعها عنهم ) ولا هم ينظرون ( أي لا يمهلون للتوبة والمعذرة ) وقد استهزىء برسل من قبلك ( أي يا محمد كما استهزأ بك قومك ) فحاق ( أي نزل وأحاط ) بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون ( أي عقوبة استهزائهم وفيه تسلية للنبي ( ﷺ ) أي فكذلك يحيق بهؤلاء وبال استهزائهم.
قوله تعالى ) قل من يكلؤكم ( أي يحفظكم ) بالليل ( إذ نمتم ) والنهار ( إذا انصرفتم في معايشكم ) من الرحمن ( قال ابن عباس معناه من يمنعكم من عذاب الرحمن ) بل هم عن ذكر ربهم ( أي عن القرآن ومواعظه ) معرضون ( أي لا يتأملون في شيء منها ) أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا ( معناه ألهم آلهة من دوننا تمنعهم ثم وصف آلهتهم بالضعف فقال ) لا يستطيعون نصر أنفسهم ( أي لايقدرون على نصر أنفسهم فكيف ينصرون من عبدهم ) ولا هم منا يصبحون ( قال ابن عباس يمنعون وقيل يجارون وقيل ينصرون وقيل