صفحة رقم ٤٨
لتعفي أثرها على سارة ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل، وهي ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء، فوضعهما هناك ووضع عندهما جراباً فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم قفل إبراهيم منطقاً فتبعته أم إسماعيل فقالت : يا إبراهيم إلى أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء فقالت له ذلك مراراً وجعل لا يلتفت إليها فقالت آلله أمرك بهذا ؟ قال نعم قالت إذن لا يضيعنا ثم رجعت فانطلق إبراهيم فدعا بهذه الدعوات فرفع يديه ؛ فقال : رب إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع حتى بلغ يشكرون وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت، وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال : يتلبط فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفاء أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليها ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً فلم تر أحداً فهبطت منه حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها فنظرت هل ترى أحداً فلم ترى أحداً ففعلت ذلك سبع مرات قال ابن عباس قال النبي ( ﷺ ) ( فلذلك سعى الناس بينهما فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً فقالت : صه تريد نفسها ثم تسمعت فسمعت صوتاً أيضاً فقالت : قد أسمعت أن كان عندك غواث فإذا هي بالملك عند موضع زمزم، فبحث بقعبه أو قال بجناحه حتى ظهر الماء فجعلت تخوضه، وتقول : بيدها هكذا وجعلت تغرف من الماء في سقائها، وهو يفور بعدما تغرف ) وفي رواية قدر ما تغرف قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه سلم :( يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم أو قال : لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عيناً معيناً ) قال : فشربت وأرضعت ولدها.
فقال لها الملك : لا تخافي الضيعة فإن هاهنا بيتا لله تعالى، يبنيه هذا الغلام وأبوه وأن الله لا يضيع أهله وكان البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم أو أهل بيت من جرهم مقبلين من طريق كداء فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائراً عائفاً.
فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على ماء لعهدنا بهذا الوادي، وما فيه ماء فأرسلوا جرياً أو جريين فإذا هم بالماء فرجعوا فأخبروهم فأقبلوا، وأم إسماعيل عند الماء فقالوا : أتأذنين لنا أن ننزل عندك قالت نعم ولكن لا حق لكم في الماء قالوا : قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه سلم :( فألقى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس فنزلوا وأرسلوا أهليهم، فنزلوا معهم حتى إذا كانوا بها أهل أبيات منهم وشب الغلام، وتعلم العربية منهم وآنسهم وأعجبهم حين حين شب فلما أدرك زوجوه بامرأة منهم وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته ) أخرجه البخاري بأطول من هذا، وقد تقدم الحديث بطوله في تفسير سورة البقرة، وأما تفسير الآية فقوله ربنا إني أسكنت من ذريتي من للتبعيض أي بعض ذريتي وهو إسماعيل عليه السلام بواد غير


الصفحة التالية
Icon