صفحة رقم ٦٢
الوزن لأن الصاع والمدّ مقدران بالوزن
( وجعلنا لكم فيها معايش ) جمع معيشة.
وهو ما يعيش به الإنسان مدة حياته في الدنيا من المطاعم والمشارب والملابس ونحو ذلك ) ومن لستم له برازقين ( يعني الدواب والوحش والطير أنتم منتفعون بها، ولستم لها برازقين لأن رزق جميع الخلق على الله ومنه قوله تعالى :( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ( وتكون في قوله تعالى : ومن لستم بمعنى ما لأن من لمن يعقل وما لمن لا يعقل، وقيل : يجوز إطلاق لفظة من على من لا يعقل كقوله تعالى :( فمنهم من يمشي على بطنه ( " وقيل أراد بهم العبيد والخدم فتكون من على أصلها، ويدخل معهم ما لا يعقل من الدواب والوحش ) وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ( الخزائن جمع خزانة هي أسم للمكان الذي يخزن فيه الشيء للحفظ يقال : خزن الشيء إذا أحرزه.
فقيل أراد مفاتيح الخزائن وقيل : أراد بالخزائن المطر لأنه سبب الأرزاق والمعايش لبني آدم والدواب والوحش والطير ومعنى عندنا أنه في حكمه وتصرفه وأمره وتدبيره قوله تعالى :( وما ننزله إلا بقدر معلوم ( يعني بقدر الكفاية.
وقيل : إن لكل أرض حداً ومقدار من المطر.
يقال : لا تنزل من السماء قطرة مطر إلا ومعها ملك يسوقها إلى حيث يشاء الله تعالى.
وقيل : إن المطر ينزل من السماء كل عام بقدر واحد لا يزيد ولا ينقص ولكن الله يمطر قوماً، ويحرم آخرين وقيل : إذا أراد الله بقوم خيراً أنزل عليهم المطر والرحمة وإذا أراد بقوم شراً صرف المطر عنهم إلى حيث لا ينتفع به، كالبراري والقفار والرمال والبحار ونحو ذلك.
وحكى جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده أنه قال في العرش تمثال جميع ما خلق الله في البر والبحر.
وهو تأويل قوله وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ) وأرسلنا الرياح لواقح ( قال ابن عباس يعني للشجر، وهو قول الحسن وقتادة وأصل هذا من قولهم : لقحت الناقة وألقحها الفحل إذا ألقى إليها الماء، فحملته فكذلك الرياح كالفحل للسحاب وقال ابن مسعود في تفسير هذه الآية يرسل الله الرياح لتلقح السحاب فتحمل الماء فتمجه في السحاب ثم تمر به فتدر كما تدر اللقحة، وقال عبيد بن عمير : يرسل الله الريح المبشرة فتقم الأرض قماً، ثم يرسل المثيرة فتثير السحاب، ثم يرسل المؤلفة فتؤلف السحاب بعضه إلى بعض فتجعله ركاماً، ثم يرسل اللواقح فتلقح الشجر والأظهر في هذه الآية إلقاحها السحاب لقوله بعده