صفحة رقم ٦٤
يكون في الصف المؤخر، فإذا ركع نظر من تحت أبطيه فأنزل الله عز وجل ولقد علمنا المستقدمين منكم، ولقد علمنا المستأخرين أخرجه النسائي وأخرجه الترمذي وقال فيه وقد روي عن ابن الجوزي نحوه.
ولم يذكر فيه عن ابن عباس وهذا أشبه أن يكون أصح قال البغوي وذلك أن النساء كن يخرجن إلى الجماعة فيقفن خلف الرجال فربما كان من الرجال من في قلبه ريبة فيتأخر إلى آخر صف الرجال، ومن النساء من في قلبها ريبه فتتقدم إلى أول صف النساء لتقرب من الرجال فنزلت هذه الآية فعند ذلك قال النبي صلى الله عليه سلم :( خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها.
وشرها أولها ) أخرجه مسلم عن أبي هريرة.
وقال ابن عباس : أراد بالمستقدمين من خلق الله وبالمستأخرين من لم يخلق الله تعالى بعد.
وقال مجاهد : المستقدمون القرون الأولى والمستأخرون أمة محمد ( ﷺ ).
وقال الحسن : المستقدمون يعني في الطاعة والخير والمستأخرون يعني فيهما.
وقال الأوزاعي : أراد بالمستقدمين المصلين في أول الوقت وبالمستأخرين المؤخرين لها إلى آخره.
وقال مقاتل : أراد بالمستقدمين وبالمستأخرين في صف القتال.
وقال ابن عيينة : أراد من يسلم أولاً ومن يسلم آخراً.
وقال ابن عباس في رواية أخرى عنه أن النبي ( ﷺ ) حرض على الصف الأول فازدحموا عليه، وقال قوم كانت بيوتهم قاصة عن المسجد : لنبيعن دورنا ونشتري دوراً قريبة من المسجد حتى ندرك الصف المقدم.
فنزلت هذه الآية، ومعناها إنما تجزون على النيات فاطمأنوا وسكنوا فيكون معنى الآية على القول الأول المستقدم للتقوى والمستأخر للنظر، وعلى القول الأخير المستقدم لطلب الفضيلة والمستأخر للعذر، ومعنى الآية أن علمه سبحانه وتعالى محيط بجميع خلقه مقدمهم ومتأخرهم طائعهم وعاصيهم، لا يخفى عليه شيء من أحوال خلقه ) وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم ( يعني على ما علم منهم، وقيل : إن الله سبحانه وتعالى يميت الكل ثم يحشرهم الأولين والآخرين على ما ماتوا عليه ( م ) عن جابر قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( يبعث كل عبد على ما مات عليه ) قوله سبحانه وتعالى ) ولقد خلقنا الإنسان ( يعني آدم عليه السلام في قول جميع المفسرين سمي إنساناً لظهوره وإدراك البصر إياه، وقيل من النسيان لأنه عهد إليه فنسي من ) صلصال ( يعني من اليابس، إذا نقرته سمعت له صلصلة يعني صوتاً، وقال ابن عباس : هو الطين الحر الطيب الذي إذا نضب عنه الماء تشقق فإذا حرك تقعقع.
وقال مجاهد : هو الطين المنتن.
واختاره الكسائي وقال : هو من صل اللحم إذا أنتن ) من حمأ ( يعني من الطين الأسود ) مسنون ( أي متغير قال مجاهد وقتادة : هو المنتن المتغير.
وقال أبو عبيدة : هو المصبوب.
تقول العرب : سننت الماء إذا أصببنه قال ابن عباس : هو التراب المبتل المنتن جعل صلصالاً كالفخار، والجمع بين هذه الأقاويل على ما ذكره بعضهم أن الله سبحانه وتعالى لما أراد خلق آدم عليه السلام، قبض قبضة من تراب الأرض فبلها بالماء حتى اسودت وأنتن ريحها، وتغيرت وإليه الإشارة : بقوله :( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ( " ثم إن ذلك التراب بله بالماء وخمره حتى اسودت، وأنتن ريحه وتغير وإليه الإشارة بقوله : من حمأ مسنون ثم ذلك الطين الأسود المتغير صوره صورة إنسان أجوف، فلما جف ويبس كانت تدخل فيه الريح فتسمع له صلصلة يعني صوتاً، وإليه الإشارة بقوله من صلصال كالفخار وهو الطين