صفحة رقم ٩٠
الله وأن يجتنبوا عبادة الطاغوت، وهو اسم كل معبود من دون الله ) فمنهم ( يعني فمن الأمم الذين جاءتهم الرسل ) من هدى الله ( يعني هداه الله إلى الإيمان به وتصديق رسله ) ومنهم من حقت عليه الضلالة ( يعني، ومن الأمم من وجبت عليه الضلالة بالقضاء السابق في الأزل حتى مات على الكفر والضلال، وفي هذه الآية أبين دليل على أن الهادي، والمضل هو الله تعالى لأنه المتصرف في عباده فيهدي من يشاء ويضل من يشاء لا اعتراض لأحد عليه بما حكم به في سابق علمه ) فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ( يعني فسيروا في الأرض معتبرين متفكرين لتعرفوا مآل من كذب الرسل، وهو خراب منازلهم بالعذاب والهلاك، ولتعرفوا أن العذاب نازل بكم إن أصررتم على الكفر والتكذيب كما نزل بهم.
قوله سبحانه وتعالى ) إن تحرص على هداهم ( الخطاب للنبي ( ﷺ ) يعني إن تحرص يا محمد على هدى هؤلاء، وإيمانهم وتجتهد كل الاجتهاد ) فإن الله لا يهدي من يضل ( قرىء بفتح الياء وكسر الدال يعني لا يهدي الله من أضله، وقيل : معناه لا يهتدي من أضله الله وقرىء بضم الياء، وفتح الدال ومعناه من أضله الله فلا هادي له ) وما لهم من ناصرين ( أي مانعين يمنعونهم من العذاب ) وأقسموا بالله جهد أيمانهم ( قال ابن الجوزي : سبب نزولها أن رجلاً من المسلمين كان له على رجل من المشركين دين فأتاه يتقاضاه فكان فيما تكلم به المسلم : والذي أرجوه بعد الموت.
فقال المشرك : إنك لتزعم أنك تبعث بعد الموت، وأقسم بالله لا يبعث الله من يموت فنزلت هذه الآية قاله أبو العالية.
وتقرير الشبهة التي حصلت للمشركين في إنكار البعث بعد الموت أن الإنسان ليس هو، إلا هذه البنية المخصوصة، فإذا مات وتفرقت أجزاؤه وبلى امتنع عوده بعينه لأن الشيء إذا عدم فقد فني، ولم يبق له ذات ولا حقيقة بعد فنائه وعدمه، فهذا هو أصل شبهتهم ومعتقدهم في إنكار البعث بعد الموت، فذلك قوله تعالى وأقسموا بالله جهد أيمانهم ) لا يبعث الله من يموت ( فرد الله عليهم ذلك، وكذبهم في قولهم فقال تعالى ) بلى ( يعني بلى يبعثهم بعد الموت لأن لفظة بلى إثبات لما بعد النفي.
والجواب عن شبهتهم أن الله سبحانه وتعالى، خلق الإنسان وأوجده من العدم ولم يك شيئاً فالذي أوجده بقدرته ثم أعدمه قادر على إيجاده بعد إعدامه لأن النشأة الثانية أهون من الأولى ) وعداً عليه حقاً ( يعني أن الذي وعد به من البعث بعد الموت وعد حق لا خلف فيه ) ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( يعني لايفهمون كيف يكون ذلك العود والله سبحانه وتعالى، قادر على كل شيء.
النحل :( ٣٩ - ٥٠ ) ليبين لهم الذي...
" ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرؤوف رحيم أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون " ( ) ليبين لهم الذي يختلفون فيه ( يعني من أمر البعث ويظهر لهم الحق الذي لا خلق فيه ) وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين ( يعني في قولهم لا بعث بعد الموت ) إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ( يعني أن الله سبحانه وتعالى قادر إذا أراد أن يحيي الموتى، ويبعثهم للحساب والجزاء فلا تعب عليه في إحيائهم وبعثهم إنما يقول لشيء أراده كن فيكون على ما أراد لأنه القادر الذي لا يعجزه شيء أراده
( خ ) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ﷺ ) :( يقول الله تبارك وتعالى يشتمني ابن آدم وما ينبغي له