صفحة رقم ١١٥
بعدها وقيل معناه وأنت من الكافرين بفرعون وإلهيته ) قال ( يعني موسى ) فعلتها إذاً وأنا من الضالين ( أي من الجاهلين بأن ذلك يؤدي إلى قتله لأن فعل الوكزة على وجه التأديب لا على وجه القتل وقيل من الضالين عن طريق الصواب وقيل من المخطئين ) ففررت منكم ( اي إلى مدين ) لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً ( يعني النبوة وقيل العلم والفهم ) وجعلني من المرسلين وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل ( أي اتخذتهم عبيداً قيل : عدها موسى نعمة منه عليه حيث رباه لم يقتله كما قتل ولدان بني إسرائيل، ولم يستعبده كما استعبد بني اسرائيل فيكون معنى الآية، وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني اسرائيل وتركتني فلم تستعبدني، وقيل هو على طريق الإنكار ومعنى الآية أو تلك نعمة على طريق الاستفهام، فحذف الألف كما قال عمر بن عبدالله بن ربيعة : لم أنس يوم الرحيل وقفتها
وطرفها من دموعها غرق
وقولها والركاب واقفة
تتركني هكذا وتنطلق
أي أتتركني، والمعنى أتمن علي أن ربيتني، وتنسى جنايتك على بني إسرائيل بالاستعباد والمعاملات القبيحة أو يريد كيف تمن علي بالتربية، وقد استعبدت قومي ومن أهين قومه فقد ذل فتعبد بني إسرائيل قد أحبط حسناتك إلي، ولو لم تستعبدهم ولم تقتل أولادهم لم أرفع إليك تربيني وتكلفني، ولكان لي من أهلي من يربيني ولم يلقوني في اليم.
الشعراء :( ٢٠ ) قال فعلتها إذا...
" قال فعلتها إذا وأنا من الضالين )
الشعراء :( ٢١ - ٢٢ ) ففررت منكم لما...
" ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل " ( ) وإن ربك لهو العزيز ( أي المنتقم من أعدائه ) الرحيم ( ذو الرحمة لأوليائه.
قوله تعالى ) وإذ نادى ( أي واذكر يا محمد إذ نادى ) ربك موسى ( أي حين رأى الشجرة والنار ) أن ائت القوم الظالمين ( يعني الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي وظلموا بني إسرائيل باستعبادهم وسومهم سوء العذاب ) قوم فرعون ( يعني القبط ) ألا يتقون ( أي يصرفون عن أنفسهم عقوبة الله بطاعته والإيمان به ) قال ( يعني موسى ) رب ( أي يا رب ) إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ( أي بتكذيبهم إياي ) ولا ينطلق لساني ( أي للعقدة التي كانت على لسانه ) فأرسل إلى هارون ( ليوازرني ويعينني على تبليغ الرسالة ) ولهم عليَّ ذنب ( أي دعوى ذنب وهو قتله القبطي ) فأخاف أن يقتلون ( أي به ) قال ( الله تعالى ) كلا ( أي لن يقتلوك ) فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون ( أي سامعون ما تقولون وما يقال لكم.
فإن قلت : كيف ذكرهم بلفظ الجمع في قوله معكم وهما اثنان.
قلت : أجراهما مجرى الجماعة، وهو جائز في لغة العرب ) فائتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين ( فإن قلت هلا ثنى الرسول كما في قوله : فائتياه فقولا إنا رسولا ربك.
قلت : الرسول قد يكون بمعنى المرسل وبمعنى الرسالة فجعله ثم بمعنى المرسل فلم يكن بد من تثنيته، وجعله هنا بمعنى الرسالة فجازت التسوية فيه، إذا وصف به الواحد والتثنية والجمع والمعنى أنا ذو رسالة كما قال كثير :
لقد كذب الواشون ما فهت عندهم بشيء ولا أرسلتهم برسول
أي برسالة وقيل إنهما لاتفاقهما في الرسالة، والشريعة والإخوة فصارا كأنهما رسول واحد وقيل كل واحد منا رسول رب العالمين ) أن أرسل معنا بني إسرائيل ( أي خلهم وأطلقهم معنا إلى أرض فلسطين، ولا تستعبدهم وكان فرعون قد استعبدهم أربعمائة سنة وكانوا في ذلك الوقت ستمائة ألف وثلاثين ألفاً، فانطلق موسى برسالة ربه إلى مصر وهارون بها فأخبره بذلك، وفي القصة أن موسى رجع إلى مصر وعليه جبة صوف وفي يده عصاه والمكتل معلق في رأس العصا، وفيه زاده فدخل دار نفسه وأخبر هارون أن الله قد أرسلني إلى فرعون وأرسل إليك ندعو فرعون إلى الله تعالى فخرجت أمهما فصاحت وقالت : إن فرعون يطلبك ليقتلك فإذا ذهبت إليه، قتلك فلم يمتنع لقولها وذهبا إلى باب فرعون وذلك بالليل فدقا الباب ففزع البوابون، وقالوا : من بالباب فقال أنا موسى رسول رب العالمين فذهب البوابون إلى فرعون وقالوا إن مجنوناً بالباب يزعم أنه رسول رب العالمين فترك حتى أصبح ثم دعاهما وقيل إنهما انطلقا جميعاً إلى فرعون فلم يؤذن لهما سنة في الدخول، ثم دخل البواب فقال لفرعون ها هنا إنسان يزعم أنه رسول رب العالمين فقال فرعون : ائذن له لعلنا نضحك منه فدخلا على فرعون وأديا رسالة الله تعالى فعرف فرعون موسى لأنه نشأ في بيته ف ) قال ( له ) ألم نريك فينا وليداً ( يعني صبياً ) ولبثت فينا من عمرك سنين ( أي ثلاثين سنة ) وفعلت فعلتك التي فعلت ( يعني قتلت القبطي ) وأنت من الكافرين ( قال أكثر المفسرين من الجاحدين لنعمتي وحق تربيتي يقول ربيناك فينا فكافأتنا أن قتلت منا نفساً، وكفرت نعمتنا وهي رواية عن ابن عباس قال إن فرعون لم يكن يعلم الكافر بالربوبية ولأن الكفر غير جائز على الأنبياء لا قبل النبوة، ولا بعدها وقيل معناه وأنت من الكافرين بفرعون وإلهيته ) قال ( يعني موسى ) فعلتها إذاً وأنا من الضالين ( أي من الجاهلين بأن ذلك يؤدي إلى قتله لأن فعل الوكزة على وجه التأديب لا على وجه القتل وقيل من الضالين عن طريق الصواب وقيل من المخطئين ) ففررت منكم ( اي إلى مدين ) لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً ( يعني النبوة وقيل العلم والفهم ) وجعلني من المرسلين وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل ( أي اتخذتهم عبيداً قيل : عدها موسى نعمة منه عليه حيث رباه لم يقتله كما قتل ولدان بني إسرائيل، ولم يستعبده كما استعبد بني اسرائيل فيكون معنى الآية، وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني اسرائيل وتركتني فلم تستعبدني، وقيل هو على طريق الإنكار ومعنى الآية أو تلك نعمة على طريق الاستفهام، فحذف الألف كما قال عمر بن عبدالله بن ربيعة :
لم أنس يوم الرحيل وقفتها
وطرفها من دموعها غرق
وقولها والركاب واقفة تتركني هكذا وتنطلق
أي أتتركني، والمعنى أتمن علي أن ربيتني، وتنسى جنايتك على بني إسرائيل بالاستعباد والمعاملات القبيحة أو يريد كيف تمن علي بالتربية، وقد استعبدت قومي ومن أهين قومه فقد ذل فتعبد بني إسرائيل قد أحبط حسناتك إلي، ولو لم تستعبدهم ولم تقتل أولادهم لم أرفع إليك تربيني وتكلفني، ولكان لي من أهلي من يربيني ولم يلقوني في اليم.
الشعراء :( ٢٣ - ٤١ ) قال فرعون وما...
" قال فرعون وما رب العالمين قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين قال أولو جئتك بشيء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم فجمع السحرة لميقات يوم معلوم وقيل للناس هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين " ( ) قال فرعون وما رب العالمين ( يقول أي شيء رب العالمين الذي تزعم أنك رسوله أي يستوصفه إلهه الذي أرسله إليه، وهو سؤال عن جنس الشيء، والله تعالى منزه عن الجنسية والماهية فلهذا عدل موسى عن جوابه، وأجابه بذكر أفعاله وآثار قدرته التي تعجز الخلائق عن الإتيان بمثلها ) قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين ( أنه خالقهما فاعرفوا أنه لايمكن تعريفه إلا بما ذكرته لكم، فإن أيقنتم بذلك لزمكم أن تقطعوا أنه لا جواب لكم عن هذا السؤال إلا ما ذكرته من الجواب، وقال أهل المعاني أي كما توقنون هذه الأشياء التي تعاينونها، فأيقنوا أن إله الخلق هو الله تعالى الذي خلقها وأوجدها فلما قال ذلك موسى تحير فرعون في جواب


الصفحة التالية
Icon