صفحة رقم ١٢٥
فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين قال إني لعملكم من القالين رب نجني وأهلي مما يعملون فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين ثم دمرنا الآخرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم كذب أصحاب الأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين قالوا إنما أنت من المسحرين وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون " ( ) ولا تمسوها بسوء ( أي بعقر ) فيأخذكم عذاب يوم عظيم فعقروها فأصبحوا نادمين ( أي على عقرها لما رأوا العذاب ) فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم ( قوله عز وجل ) كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلى على رب العالمين أتأتون الذكران من العالمين ( يعني نكاح الرجال من بني آدم ) وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم ( يعني أتتركون العضو المباح من النساء وتميلون إلى أدبار الرجال ) بل أنتم قوم عادون ( أي معتدون مجاوزون الحلال إلى الحرام ) قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين ( أي من قريتنا ) قال إني لعملكم من القالين ( أي من التاركين المبغضين ) رب نجني وأهلي مما يعملون ( أي من العمل الخبيث قال الله تعالى ) فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزاً ( أي امرأته ) في الغابرين ( أي بقيت في المهلكين ) ثم دمرنا الآخرين ( أي أهلكناهم ) وأمطرنا عليهم مطراً ( يعني الكبريت والنار ) فساء مطر المنذرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم ( قوله عز وجل ) كذب أصحاب الأيكة المرسلين ( أي الغيضة الملتفة من الشجر وقيل هو اسم البلد ) إذ قال لهم شعيب ( لم يقل لهم أخوهم لأنه لم يكن منهم وإنما كان من مدين وأرسل إليهم ) ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ( إنما كانت دعوة هؤلاء الأنبياء فيما حكي عنهم على صيغة واحدة لاتفاقهم على تقوى الله وطاعته، والإخلاص في العبادة والامتناع من أخذ الأجر على تبليغ الرسالة، ) أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين ( أي الناقصين لحقوق الناس في الكيل والوزن ) وزنوا بالقسطاس ( أي بالميزان العدل ) المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين ( يعني الخليقة والأمم المتقدمة ) قالوا إنما أنت من المسحرين وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين فاسقط علينا كسفاً ( يعني قطعاً ) من السماء إن كنت من الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون ( يعني من نقصان الكيل والوزن وهو مجازيكم بأعمالكم، وليس العذاب إلي وما علي إلا الدعوة والتبليغ.
الشعراء :( ١٨٩ - ٢١٤ ) فكذبوه فأخذهم عذاب...
" فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين وإنه لفي زبر الأولين أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون فيقولوا هل نحن منظرون أفبعذابنا يستعجلون أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنهم عن السمع لمعزولون فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين وأنذر عشيرتك الأقربين " ( ) فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم ( وذلك أنهم أصابهم حر شديد فكانوا يدخلون الأسراب، فيجدونها أحر من ذلك فيخرجون فأظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها فأمطرت عليهم ناراً فاحترقوا جميعاً ) إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم ( وقد تقدم الكلام على هذه القصص في سورة الأعراف وهود فأغنى عن الإعادة هنا والله أعلم بمراده قوله عز وجل ) وإنه ( يعني القرآن ) لتنزيل رب العالمين ( يعني أن فيه من أخبار الأمم الماضية ما يدل على أنه من رب العالمين ) نزل به الروح الأمين ( يعني جبريل عليه السلام سماه زوجاً لأنه خلق من الروح وسماه أميناً، لأنه مؤتمن على وحيه لأنبيائه ) على قلب ( يعني على قلبك حتى تعيه وتفهمه ولا تنساه وإنما خص القلب لأنه هو المخاطب في الحقيقة، وأنه موضع التمييز والعقل والاختيار وسائر الأعضاء مسخرة له ويدل عليه قوله ( ﷺ ) ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) أخرجاه في الصحيحين.
ومن المعقول أن موضع الفرح والسرور، والغم والحزن هو القلب، فإذا فرح القلب أو حزن تغير حال سائر الأعضاء فكأن القلب كالرئيس لها، ومنه أن موضع العقل هو القلب على الصحيح من القولين فإذا ثبت ذلك كان القلب هو الأمير المطلق، وهو المكلف والتكليف مشروط بالعقل والفهم.
قوله تعالى ) لتكون من المنذرين ( أي المخوفين ) بلسان عربي مبين ( قال ابن عباس بلسان قريش ليفهموا ما فيه ) وإنه ( يعني القرآن وقيل ذكر محمد ( ﷺ ) وصفته ونعته ) لفي زبر الأولين ( أي كتب الأولين ) أولم يكن لهم آية ( يعني أولم يكن لهؤلاء المتكبرين علامة ودلالة على صدق