صفحة رقم ١٢٩
الشعراء :( ٢١٥ - ٢٢٧ ) واخفض جناحك لمن...
" واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " ( ) واخفض ( اي ألن ) جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ( فإن قلت ما معنى التبعيض في قوله ) من المؤمنين ( وقلت : معناه لمن اتبعك من المؤمنين المصدقين بقلوبهم وألسنتهم دون المؤمنين بألستنهم وهم المنافقون ) فإن عصوك ( يعني فيما تأمرهم به ) فقل إني بريء مما تعملون ( يعني من الكفر والمخالفة ) وتوكل على العزيز الرحيم ( التوكل عبارة عن تفويض الرجل أمره إلى من يملك أمره، ويقدر على نفعه وضره وهو الله تعالى العزيز الذي يقهر أعداءك، بعزته الرحيم الذي ينصرك عليهم برحمته ) الذي يراك حين تقوم ( إلى صلاتك وقيل يراك أينما كنت وقيل يراك حين تقوم لدعائك ) وتقلبك في الساجدين ( قال ابن عباس : ويرى تقلبك في صلاتك في حال قيامك وركوعك وسجودك وقعودك وقيل مع المصلين في الجماعة يقول يراك إذا صليت وحدك ومع الجماعة، وقيل : معناه يرى تقلب بصرك في المصلين فإنه كان ( ﷺ ) يبصر من خلفه كما يبصر من قدامه عن أبي هريرة أن النبيّ ( ﷺ ) قال :( هل ترون قبلتي ها هنا فوالله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم إني لأراكم من وراء ظهري ) وقيل : معناه يرى تصرفك وذهابك ومجيئك في أصحابك المؤمنين.
قيل : تصرفك في أحوالك كما كانت الأنبياء من قبلك وقال ابن عباس أراد وتقلبك في أصلاب الأنبياء من نبي إلى نبي حتى أخرجك في هذه الأمة ) إنه هو السميع ( يعني لقولك ودعائك ) العليم ( يعني بنيتك وعملك قل يا محمد ) هل أنبئكم ( يعني أخبركم ) على من تنزل الشياطين ( هذا جواب لقولهم ينزل عليه شيطان ثم بين على من تنزل الشياطين فقال تعالى ) تنزل على كل أفاك ( يعني كذاب ) أثيم ( يعني فاجر وهم الكهنة وذلك أن الشياطين كانوا يسترقون السمع، ثم يلقون ذلك إلى أوليائهم من الإنس وهو قوله تعالى ) يلقون السمع ( يعني ما يسمعون من الملائكة فيلقونه إلى الكهنة ) وأكثرهم كاذبون ( لأنهم يخلطون به كذباً كثيراً ) والشعراء يتبعهم الغاوون ( قال أهل التفسير أراد شعراء الكفار والذي كانوا يهدون النبي ( ﷺ ) منهم عبدالله بن الزبعرى السهمي، وهبيرة بن أبي وهب المخزومي ومسافع بن عبد مناف وأبو عمرو بن عبدالله الجمحي وأمية بن أبي الصلت الثقفي تكلموا بالكذب، والباطل وقالوا نحن نقول مثل ما يقول محمد وقالوا الشعر، واجتمع إليهم غواة قومهم يسمعون أشعارهم حين يهجون محمداً ( ﷺ )، وأصحابه وكانوا يروون عنهم قولهم فلذلك قوله ) يتبعهم الغاوون ( فهم الرواة الذين يروون هجاء المسلمين، وقيل الغاوون هم الشياطين وقيل هم السفهاء الضالون وفي رواية أن الرجلين أحدهما من الأنصار تهاجيا على