صفحة رقم ١٣٤
من سيناء بعثه موسى منه، ومن ساعين بعثة المسيح ومن جبال فاران بعثة محمد ( ﷺ ) وفاران اسم مكة، وقيل كانت النار بعينها وهي إحدى حجب الله عز وجل كما صح في الحديث ( حجابة النار لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) ثم نزه الله سبحانه وتعالى نفسه، وهو المنزه من كل سوء وعيب فقال تعالى ) وسبحان الله رب العالمين ( ثم تعرف إلى موسى بصفاته فقال : الله يا موسى ) إنه أنا الله العزيز الحكيم ( قيل معناه أن موسى قال : من المنادي قال : إنه أنا الله وهذا تمهيد لما أراد الله أن يظهره على يده من المعجزات، والمعنى أن القوي القادر على ما يبعد من الأوهام كقلب العصا حية وهو قوله ) وألق عصاك ( تقديره فألقاها فصارت حية ) فلما رآها تهتز ( أي تتحرك ) كأنها جان ( وهي الحية الصغيرة التي يكثر اضطرابها ) ولى مدبراً ( يعني هرب من الخوف ) ولم يعقب ( يعني لم يرجع، ولم يلتفت قال الله تعالى ) يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون ( يريد إذا أمنتهم لا يخافون أما الخوف الذي هو شرط الإيمان، فلا يفارقهم قال النبيّ ( ﷺ ) ( أنا أخشاكم لله ).
النمل :( ١١ - ١٦ ) إلا من ظلم...
" إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين " ( ) إلا من ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء فإني غفور رحيم ( قيل : هو ما يصدر من الأنبياء من ترك الأفضل والصغيرة وقيل يحتمل أن يكون المراد منه التعريض بما وجد من موسى من قتل القبطي وهو من التعريضات اللطيفة وسماه ظلماً لقول موسى ) إني ظلمت نفسي ( " ثم إنه خاف من ذلك فتاب قال :( رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له ( " قال ابن جريح : قال الله تعالى لموسى إنما أخفتك لقتلك النفس، ومعنى الآية لا يخيف الله الأنبياء إلا بذنب يصيبه أحدهم فإن أصابه أخافه حتى يتوب، فعلى هذا التأويل يكون صحيحاً وتناهى ا لخبر عن الرسل عند قوله إلا من ظلم ثم ابتدأ الخبر عن