صفحة رقم ١٤٥
وقال ابن عباس : كريم أي شريف لشرف صاحبه، ثم بينت ممن الكتاب فقالت ) إنه من سليمان ( قرأت المكتوب فيه فقالت ) وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ( فإن قلت لم قدم إنه من سليمان على بسم الله.
قلت : ليس هو كذلك بل ابتدأ سليمان ببسم الله الرحمن الرحيم وإنما ذكرت بلقيس، أن هذا الكتاب من سليمان ثم ذكرت ما في الكتاب فقالت : وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ) ألا تعلوا علي ( قال ابن عباس : لا تتكبروا علي.
والمعنى لا تمتنعوا من الإجابة فإن ترك الإجابة، من العلو والتكبر ) وأتوني مسلمين ( أي طائعين مؤمنين وقيل من الاستسلام وهو الانقياد ) قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ( أي أشيروا علي فيما عرض علي ) ما كنت قاطعة أمراً ( أي قاضية وفاصلة ) حتى تشهدون ( أي تحضرون ) قالوا ( يعني الملأ مجيبين لها ) نحن أولو قوة ( أي في الجسم على القتال ) وأولو بأس شديد ( أي عند الحرب وقيل أرادوا بالقوة كثرة العدد والبأس والشجاعة وهذا تعريض منهم بالقتال أي إن أمرتهم بذلك قالوا ) والأمر إليك ( أيتها الملكة أي في القتال وتركه ) فانظري ماذا تأمرين ( أي تجدين مطيعين لأمرك ) قالت ( بلقيس مجيبة لهم عن التعريض للقتال وما يؤول إليه أمره ) إن الملوك إذا دخلوا قرية ( أي عنوة ) أفسدوها ( أي خربوها ) وجعلوا أعزة أهلها أذلة ( أي أهانوا أشرافها وكبراءها كي يستقيم لهم الأمر تحذرهم بذلك مسير سليمان إليهم ودخوله بلادهم ثم تناهى الخبر عنها هنا، وصدق الله قولها فقال تعالى ) وكذلك يفعلون ( أي كما قالت هي يفعلون وقيل هو من قولها وهو للتأكيد لما قالت ثم قالت ) وإني مرسلة إليهم بهدية ( يعني إلى سليمان وقومه أصانعه بها على ملكي، وأختبره بها أملك هو أم نبي فإن كان ملكاً قبل الهدية ورجع، وإن كان نبياً لم يقبل الهدية، ولم يرضه منا إلا أن نتبعه في دينه وهو قولها ) فناظرة بم يرجع المرسلون ( وذلك أن بلقيس كانت امرأة لبيبة عاقلة قد ساست الأمور، وجربتها فأهدت وصفاء ووصائف.
قال ابن عباس : مائة وصيف ومائة وصيفة قال وهب وغيره عمدت بلقيس إلى خمسمائة غلام وخمسمائة جارية، فألبست الجواري لبس الغلمان الأقبية والمناطق، وألبست الغلمان لبس الجواري وجعلت في أيديهم أساور الذهب، وفي أعناقهم أطواق الذهب وفي آذانهم أقرطة، وشنوفاً مرصعات بأنواع الجواهر وحملت الجواري على خمسمائة رمكة، والغلمان على خمسمائة برذون على كل فرس سرج من الذهب مرصع بالجواهر، وأغشية الديباج وبعثت إليه لبنات من الذهب ولبنات من الفضة وتاجاً مكللاً بالدر والياقوت، وأرسلت بالمسك والعنبر والعود اليلنجوج


الصفحة التالية
Icon