صفحة رقم ١٥١
دواب البحر ثم وضع سريره في صدر المجلس وجلس عليه وقيل إنما عمل الصرح ليختبر به فهمها كما فعلت في الوصفاء والوصائف.
فلما جلس على السرير دعا بلقيس، ولما جاءت قيل لها ادخلي الصرح ) فلما رأته حسبته لجة ( أي ماء عظيماً ) وكشفت عن ساقيها ( لتخوض الماء إلى سليمان، فإذا هي أحسن النساء ساقاً وقدماً إلا أنها كانت شعراء الساقين فلما نظر سليمان ذلك صرف بصره عنها ) قال إنه صرح ممرد ( أي مملس ) من قوارير ( زجاج وليس بماء فحينئذٍ سترت ساقيها وعجبت من ذلك وعلمت أن ملك سليمان من الله تعالى واستدلت بذلك على التوحيد والنبوة ) قالت ربي إني ظلمت نفسي ( بعبادة غيرك ) وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ( أي أخلصت له التوحيد والعبادة، وقيل : إنها لما بلغت الصرح وظنته لجة قالت : في نفسها إن سليمان يريد أن يغرقني وكان القتل أهون من هذا لما تبين لها خلاف ذلك قالت : رب إني ظلمت نفسي بذلك الظن.
واختلفوا في أمر بلقيس بعد إسلامها، فقيل انتهى أمرها إلى قولها أسلمت لله رب العالمين ولا عمل لأحد وراء ذلك، لأنه لم يذكر في الكتاب ولا في خبر صحيح وقال بعضهم : تزوجها سليمان وكره ما رأى من كثرة شعر ساقيها، فسأل الإنس عما يذهب ذلك فقالوا الموسى.
فقالت المرأة إني لم يمسني حديد قط فكره سليمان الموسى وقال : إنها تقطع ساقيها فسأل الجن فقالوا لا ندري فسأل الشياطين.
فقالوا : نحتال لك حتى تكون كالفضة البيضاء فاتخذوا النورة، والحمام فكانت النورة والحمامات من يومئذٍ.
فلما تزوجها سليمان أحبها حباً شديداً، وأقرها على ملكها وأمر الجن فابتنوا لها بأرض اليمن ثلاثة حصون لم ير الناس مثلها ارتفاعاً وحسناً، وهي سلحين وبيسنون وغمدان ثم كان سليمان يزورها في كل شهر مرة، ويقيم عندها ثلاثة أيام يبكر من الشام إلى اليمن ومن إلى الشام وولدت له ولداً ذكراً.
وقال وهب : زعموا أن بلقيس لما أسلمت قال لها سليمان اختاري رجلاً من قومك حتى أزوجك إياه، فقالت : ومثلي يا نبي الله ينكح الرجال وقد كان لي من قومي الملك والسلطان، قال : نعم إنه لا يكون في الإسلام إلا ذلك ولا ينبغي لك أن تحرمي ما أحل الله قالت : فإن كان ولا بد فزوجني ذا تبع