صفحة رقم ١٥٤
بحديقة ) ذات بهجة ( أي ذات منظر حسن والبهجة الحسن يبتهج به من يراه ) ما كان لكم أن تنبتوا شجرها ( يعني ما ينبغي لكم، لأنكم لا تقدرون على ذلك لأن الإنسان قد يقول : أنا المنبت للشجرة بأن أغرسها وأسقيها الماء فأزال هذه الشبهة بقوله ) ما كان لكم أن تنبتوا شجرها ( لأن إنبات الحدائق المختلفة الأصناف، والطعوم والروائح المختلفة والزروع تسقى بماء واحد، لا يقدر عليه إلا الله تعالى ؛ ولا يتأتى لأحد وإن تأتى ذلك لغيره محال ) أإله مع الله ( يعني هل معه معبود أعانه على صنعه ) بل ( يعني ليس معه إله ولا شريك ) هم قوم ( يعني كفار مكة ) يعدلون ( يشركون وقيل يعدلون عن هذا الحق الظاهر إلى الباطل.
النوع الثاني قوله عز وجل ) أمن جعل الأرض قراراً ( أي دحاها وسواها للاستقرار عليها، وقيل لا تميد بأهلها ) وجعل خلالها أنهاراً ( أي وسطها بأنهار تطرد بالمياه ) وجعل لها رواسي ( أي جبالاً ثوابت ) وجعل بين البحرين ( يعني العذاب والملح ) حاجزاً ( أي مانعاً لا يختلط أحدهما بالآخر ) أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون ( أي توحيد ربهم وقدرته وسلطانه.
النوع الثالث قوله تعالى ) أمن يجب المضطر ( أي المكروب المجهود، وقيل : المضرور بالحاجة المحوجة من مرض أو نازلة من نوازل الدهر يعني إذا نزلت بأحد بادر إلى الالتجاء والتضرع إلى الله تعالى وقيل : هو المذنب إذا استغفر ) إذا دعاه ( يعني فيكشف ضره ) ويكشف السوء ( أي الضر لأنه لا يقدر على تغيير حال من فقر إلى غنى، ومن مرض إلى صحة ومن ضيق إلى سعة إلا القادر، الذي لا يعجز والقاهر الذي لا يغلب ولا ينازع ) ويجعلكم خلفاء الأرض ( أي سكانها، وذلك أنه ورثهم سكانها والتصرف فيها قرناً بعد قرن وقيل يجعل أولادكم خلفاء لكم وقيل : جعلكم خلفاء الجن في الأرض ) أإله مع الله قليلاً ما تذكرون ( أي تتعظون.
النوع الرابع قوله عز وجل ) أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ( أي يهديكم بالنجوم والعلامات إذا جن عليكم الليل مسافرين في البر والبحر ) ومن يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته ( أي قدام المطر ) أإله مع الله تعالى عما يشركون (
النمل :( ٦٤ - ٧٨ ) أم من يبدأ...
" أم من يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون وقال الذين كفروا أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم " ( النوع الخامس قوله تعالى :( أمن يبدأ الخلق ( أي نطفاً في الأرحام ) ثم يعيده ( بعد الموت ) ومن يررقكم من السماء والأرض ( أي من السماء بالمطر ومن الأرض بالنبات ) إإلهة مع الله قل هاتوا برهانكم ( أي حجتكم على قولكم إن مع الله إلهاً آخر ) إن كنتم صادقين ( قوله تعالى ) قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ( نزلت في المشركين حين سألوا رسول الله ( ﷺ ) عن وقت الساعة.
والمعنى أن الله هو الذي يعلم الغيب وحده ويعلم متى تقوم الساعة ) ما يشعرون أيان يبعثون ( يعني أن من في السموات وهم الملائكة ومن في الأرض وهم بنو آدم لا يعلمون متى يبعثون والله تعالى تفرد بعلم ذلك ) بل ادارك علمهم ( أي بلغ ولحق علمهم ) في الآخرة ( هو ما جهلوه في الدنيا


الصفحة التالية
Icon