صفحة رقم ١٧٦
كانت ذنوبه أكثر من زبد البحر ) ولكن رحمة من ربك ( أي رحمناك رحمة بإرسالك والوحي إليك وإطلاعك على الأخبار الغائبة عنك ) لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك ( يعني أهل مكة ) لعلهم يتذكرون ( اعلم أن الله تعالى لما بين قصة موسى عليه الصلاة والسلام لرسوله ( ﷺ ) فجمع بين هذه الأحوال الثلاثة العظيمة التي اتفقت لموسى ؛ فالمراد بقوله :( إذ قضينا إلى موسى الأمر ) هو إنزال التوراة عليه حتى تكامل دينه واستقر شرعه والمراد بقوله ) وما كنت ثاوياً في أهل مدين ( " أول أمر موسى والمراد بقوله إذ نادينا ليلة المناجاة فهذه أعظم أحوال موسى ولما بينها لرسوله ولم يكن في هذه الأحوال حاضراً بين الله أنه بعثه وعرفه هذه الأحوال الدالة على نبوته ( ﷺ ) ومعجزته كأنه قال في إخبارك عن هذه الأشياء من غير حضور ولا مشاهدة دلالة ظاهرة على نبوتك.
قوله تعالى :( ولولا أن تصيبهم مصيبة ( أي عقوبة ونقمة ) بما قدمت أيديهم ( يعني من الكفر والمعاصي ) فيقولوا ربنا لولا ( أي هلاّ ) أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين ( ومعنى الآية لولا أنهم يحتجون بترك الإرسال إليهم لعاجلناهم بالعقوبة على كفرهم وقيل معناه لما بعثناك إليهم رسولاً ولكنا بعثناك إليهم لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) فلما جاءهم الحق من عندنا ( يعني محمداً ( ﷺ ) ) قالوا ( يعني كفار مكة ) لولا ( أي هلا ) أوتي ( محمد ) مثل ما أوتي موسى ( يعني من الآيات كالعصا واليد البيضاء.
وقيل : أوتي كتاباً جملة واحدة كما أوتي موسى التوراة قال الله تعالى ) أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل ( قيل إن اليهود أرسلوا إلى قريش أن يسألوا محمداً مثل ما أوتي موسى فقال الله تعالى :( أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل ( يعني اليهود الذي استخرجوا هذا السؤال ) قالوا سحران تظاهرا ( يعني التوراة والقرآن يقوي كل واحد منهما الآخر وقيل ساحران يعني محمداً وموسى.
وقيل إن مشركي مكة بعثوا على رؤوس اليهود بالمدينة يسألونهم عن محمد ( ﷺ ) فأخبروهم أن نعته في كتابهم التوراة فرجعوا فأخبروهم بقول اليهود فقالوا ساحران تظاهرا ) وقالوا إنا بكل كافرون ( يعني بالتوراة والقرآن وقيل بمحمد وموسى ) قال ( يا محمد ) فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما ( يعني من التوراة والقرآن ) أتبعه ( يعني الكتاب الذي تأتون به من عند الله وهذا تنبيه على عجزهم عن الإتيان بمثله ) إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لك ( أي فإن لم يأتوا بما طلبت ) فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ( يعني أن ما ركبوه من الكفر لا حجة لهم فيه وإنما آثروا أتباعهم ما هم عليه من الهوى ) ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين ( قوله عز وجل ) ولقد وصلنا لهم القول ( قال ابن عباس : بينا وقيل أنزلنا آيات


الصفحة التالية
Icon