صفحة رقم ١٧٨
مكة ويقولون تباً لكم تركتم دينكم فيعرضون عنهم ولا يردون عليهم ) وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ( أي لنا ديننا ولكم دينكم ) سلام عليكم ( ليس المراد منه التحية ولكن سلام المتاركة والمعنى سلمتم منا لا نعارضكم بالشتم ) لا نبتغي الجاهلين ( يعني لا نحب دينكم الذي أنتم عليه.
وقيل : لا نريد أن نكون من أهل الجهل والسفه وهذا قبل أن يؤمر المسلمون بالقتال ثم نسخ ذلك بالقتال.
قوله تعالى ) إنك لا تهدي من أحببت ( أي هدايته وقيل أحببته لقرابته ) ولكن الله يهدي من يشاء ( وذلك أن الله تعالى يقذف في القلب نور الهداية فينشرح الصدر للإيمان ) وهو أعلم بالمهتدين ( أي بمن قدر له الهدى ( م ) عن أبي هريرة قال ( إنك لا تهدي من أحببت، نزلت في رسول الله ( ﷺ ) حيث راود عمه أبا طالب على الإسلام وذلك أن النبي ( ﷺ ) قال لأبي طالب عند الموت :( ياعم قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة قال لولا أن تعيرني قريش يقولون إنما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك ( ثم أنشد :
ولقد علمت بأن دين محمد
من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة
لوجدتني سمحاً بذاك مبينا
ولكن على ملة الأشياخ عبد المطلب وعبد مناف ثم مات فأنزل الله هذه الآية ) وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا ( يعني نزلت في الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف وذلك أنه قال للنبي ( ﷺ ) : إنا لنعلم أن الذي تقول حق ولكن إن اتبعناك على دينك خفنا أن تخرجنا العرب من أرض مكة قال الله تعالى ) أو لم نمكن لهم حرما آمناً ( وذلك أن العرب كانت في الجاهلية يغير بعضهم على بعض ويقتل بعضهم بعضاً وأهل مكة آمنون حيث كانوا لحرمة الحرم.
ومن المعروف أنه كان تأمن فيه الظباء من الذئاب والحمام من الحدأة ) يجبى إليه ( يعني يجلب ويجمع إليه ويحمل إلى الحرم من الشام ومصر والعراق واليمن ) ثمرات كل شيء رزقاً من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون ( يعني أن أكثر أهل مكة لا يعلمون ذلك.
قوله عز وجل ) وكم أهلكنا من قرية ( يعني من أهل قرية ) بطرت معيشتها ( أي أشرت وطغت وقيل عاشوا في البطر فأكلوا رزق الله وعبدوا الأصنام ) فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلاً ( قال ابن عباس : لم يسكنها إلا المسافرون سكوناً قليلاً وقيل لم يعمروا منها إلا أقلها وأكثرها


الصفحة التالية
Icon