صفحة رقم ١٩٨
ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم " ( ) يستعجلونك بالعذاب ( أعادة تأكيداً ) وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ( أي جامعة لهم لا يبقى منهم أحد إلا دخلها ) يوم يغشاهم العذاب ( أي يصيبهم ) من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون ( أي جزاء ما كنتم تعملون.
قوله تعالى ) يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون ( قيل نزل في ضعفاء مسلمي أهل مكة يقول الله تعالى إن كنتم في ضيق بمكة من إظهار الإيمان فاخرجوا منها إلى أرض المدينة فإنها واسعة آمنة، وقيل نزلت في قوم تخلفوا عن الهجرة وقالوا نخشى إن هاجرنا من الجوع وضيق المعيشة فأنزل الله تعالى هذه الآية ولم يعذرهم بترك الخروج وقيل المعنى فهاجروا فيها أي فجاهدوا فيها.
وقال سعيد بن جبير : إذا علموا في الأرض بالمعاصي فاهربوا منها فإن أرضي واسعة وقيل إذا أمرتم بالمعاصي فاهربوا فإن أرضي واسعة وكذلك يجب على كل من كان في بلد يعمل فيه بالمعاصي ولا يمكنه تغيير ذلك أن يهاجر إلى بلد تتهيأ له فيها العبادة وقيل معنى إن أرضي واسعة يعني رزقي لكم واسع فاخرجوا ) كل نفس ذائفة الموت ( يعني كل أحد ميت خوفهم بالموت لتهون الهجرة عليهم فلا يقيموا بدار الشرك خوفاً من الموت ) ثم إلينا ترجعون ( فنجزيكم بأعمالكم.
قوله تعالى ) والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفاً ( أي علالي جمع غرفة وهي العلية ) تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين ( أي لله بطاعته ) الذين صبروا ( على الشدائد ولم يتركوا دينهم لشدة لحقتهم وقيل صبروا على الهجرة ومفارقة الأوطان وعلى أذى المشركين وعلى المحن والمصائب وعلى الطاعات وعن المعاصي ) وعلى ربهم يتوكلون ( أي يعتمدون على الله في جميع أمورهم.
قوله عز وجل ) وكأين من دابة لا تحمل رزقها ( وذلك أن النبي ( ﷺ ) قال للمؤمنين الذين كانوا بمكة وقد آذاهم المشركون ( هاجروا إلى المدينة ) فقالوا كيف نخرج إلى المدينة وليس لنا بها دار ولا مال فمن يطعمنا بها ويسقينا فأنزل الله : وكأين من دابة لا تحمل رزقها أي لا ترفع رزقها معها لضعفها ولا تدخر شيئاً لغد مثل البهائم والطير ) الله يرزقها وإياكم ( حيث كنتم ) وهو السميع ( أي لأقوالكم ) العليم ( بما في قلوبكم عن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله ( ﷺ ) يقول ( لو أنكم تتوكلون على الله


الصفحة التالية
Icon