صفحة رقم ١٩٩
حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً ) أخرجه الترمذي وقال حديث حسن ومعناه أنها تذهب أول النهار جياعاً ضامرة البطون وتروح آخر النهار إلى أوكارها شباعاً ممتلئة البطون ولا تدخر شيئاً قال سفيان بن عيينة ليس شيء من خلق الله يخبأ إلا الإنسان والفأرة والنملة.
عن ابن عباس عن النبي ( ﷺ ) أنه قال :( أيها الناس ليس من شيء يقاربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به وليس شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه ألا وإن الروح الأمين نفث في روعي ) الروح : بضم الراء وبالعين المهملة هو القلب والعقل وبفتح الراء هو الخوف قال تعالى ) فلما ذهب عن إبراهيم الروع ( " أي الخوف ( أنه ليس من نفس تموت حتى تستوفي رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله عز وجل فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته ).
العنكبوت :( ٦١ - ٦٩ ) ولئن سألتهم من...
" ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شيء عليم ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين " ( قوله عز وجل :( ولئن سألتهم ( يعني كفار مكة ) من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ( ذكر أمرين أحدهما : إشارة إلى اتحاد الذات والثاني إشارة إلى اتحاد الصفات وهي الحركة في الشمس والقمر ) ليقولن الله فأنى يؤفكون ( قيل معناه أنهم يعتقدون هذا فكيف يصرفون عن عبادة الله مع إقرارهم أنه خلق السموات والأرض ) الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ( لما ذكر الخلق ذكر الرزق لأن كمال الخلق ببقائه وبقاء الخلق بالزرق والله تعالى هو المتفضل بالرزق على الخلق فله الفضل والإحسان والطول والامتنان ) ويقدر له ( أي يضيق عليه إذا شاء ) إن الله بكل شيء عليم ( أي يعلم مقادير الحاجات ومقادير الأرزاق ) ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله ( ذكر سبب الرزق وموجد السبب موجد المسبب فالرزق من الله تعالى ) قل الحمد لله ( أي على أن الفاعل لهذه الأشياء هو الله تعالى : وقيل قل الحمد لله على إقرارهم ولزوم الحجة عليهم بأنه خالق لهم ) بل أكثرهم لا يعقلون ( أي أنهم ينكرون التوحيد مع إقرارهم بأنه خالق هذه الأشياء.
قوله تعالى ) وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب ( اللهو هو الاستمتاع بلذة الدنيا وقيل هو الاشتغال بما لا يعنيه وما لا يهمه واللعب هو العبث وفي هذا تصغير للدنيا وازدراء بها ومعنى الآية أن سرعة زوال الدنيا عن


الصفحة التالية
Icon