صفحة رقم ٢٠٣
لهما فيها ديباج فدخلاها ومع كل واحد سكين ودعوا بترجمان يترجم بينهما فقال شهرمان : إن الذي خرب بلادك أنا وأخي بكيدنا وشجاعتنا وإن كسرى حسدنا وأراد أن يقتل أخي فأبيت عليه ثم أمر أخي بقتلي فأبى عليه، وقد خلعناه جميعاً ونحن نقاتله معك فقال : قد أصبتما وأشار أحدهما إلى صاحبه أن السر بين اثنين فإذا جاوزهما فشا.
فقتلا الترجمان معاً بسكينيهما فأديلت الروم على فارس عند ذلك وغلبوهم وقتلوهم ومات كسرى جاء الخبر إلى رسول الله ( ﷺ ) يوم الحديبية ففرح ومن كان معه من المسلمين بذلك فذلك قوله عز وجل ) الم غلبت الروم في أدنى الأرض ( يعني أقرب أرض الشام إلى فارس وقيل هي أذرعات وقيل الأردن وقيل الجزيرة ) وهم من بعد غلبهم ( أي فارس لهم ) سيغلبون ( أي الروم لفارس.
الروم :( ٤ - ٧ ) في بضع سنين...
" في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون " ( ) في بضع سنين ( البضع ما بين الثلاث إلى السبع وقيل إلى التسع وقيل ما دون العشر ) لله الأمر من قبل ومن بعد ( أي من قبل دولة الروم على فارس ومن بعدها فمن غلب فهو بأمر الله تعالى وقضائه وقدره ) ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ( أي الروم على فارس وقيل فرح النبي ( ﷺ ) والمؤمنون بظهورهم على المشركين يوم بدر وفرحوا بظهور أهل الكتاب على أهل الشرك ) بنصر من يشاء ( أي بيده النصر ينصر من يشاء ) وهو العزيز ( الغالب ) الرحيم ( أي بالمؤمنين قوله تعالى ) وعد الله ( أي وعد الله وعداً بظهور الروم على فارس ) لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( أي أن الله لا يخلف وعده ؛ ثم قال تعالى ) يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا ( يعني معاشهم كيف يكسبون ويتجرون ومتى يغرسون ويزرعون ويحصدون وقال الحسن إن أحدهم لينقر الدرهم بطرف ظفره فيذكر وزنه لا يخطىء وهو لا يحسن يصلي.
وقيل : لا يعلمون الدنيا بحقيقتها إنما يعلمون ظاهرها وهو ملاذها وملاعبها ولا يعلمون باطنها وهو مضارها ومتاعبها.
وقيل يعلمون وجودها الظاهر ولا يعلمون فناءها ) وهم عن الآخرة هم غافلون ( أي ساهون عنها لا يتفكرون فيها ولا يعلمون بها.
الروم :( ٨ - ١٨ ) أو لم يتفكروا...
" أو لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤون الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون " ( قوله عز وجل :( أو لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق ( يعني لإقامة الحق ) وأجل مسمى ( أي لوقت معلوم إذا انتهت إليه فنيت وهو يوم القيامة ) وإن كثيراً من الناس بلقاء ربهم لكافرون أولم يسيروا في الأرض ( أي يسافروا فيها ) فينظرو كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ( أي ينظروا إلى مصارع الأمم قبلهم فيعتبروا ) كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض ( أي حرثوها